الذي ينظر إلى الحرب الدائرة حالياً في السودان، يرى فيها أشياءً مخالفة تماماً لواقع الإنسان السوداني الأصيل، ياترى من أين أتت هذه الأفعال الشنيعة التي تقوم بها المجموعات التي تحمل السلاح، وتدعي أنها سودانية، بل وتعتبر نفسها هي السودان، وغيرها هجين لقيط يجب بتره وطرده من البلاد.
هناك ظاهرة أرقت الإنسان السوداني هذه الأيام، وهي ظاهرة قتل الأسرى، والتمثيل بهم وهو ما حرمه علينا ديننا الحنيف، الذي ينتمي إليه كل من يحمل السلاح سواء كانت قوات مسلحة أو دعم سريع او غيره من حركات الكفاح المسلح.
فما الذي تغير فيك أيها السوداني الأبي، هل المال جعلك بعيداً عن القيم والدين، أم أن شهوة السلطة جلعت منك إنسانأ أخر؟ لا يأبه بهذه القيم وكل همه هوالإنتصار ولو خالف ذلك كل القيم والأخلاق وحقوق الإنسان والأديان السماوية.
الإسلام الأصيل قد كفل للأسير حقوقاً، وأوجبها على كل مسلم يدعي الإسلام، فهل نظر حملة السلاح يوماً إلى هذه الحقوق ووضعوها موضع الإهتمام، أم أن أعينهم تنظر فقط إلى الكرسي وكيفية الوصول إليه ضاربين بحقوق الأسير وغيرها عرض الحائط؟
إليك بعض حقوق الأسير في الإسلام، يا من تحمل السلاح، وتستقوى على غيرك به، وتصول وتجول في هذه البلاد، وقد نسيت أن الله تعالى ممتحنك بهذا السلاح، وانك إليه سوف ترجع وحيداً فريداً، لاينفع سلاحك ولاتنفعك قوتك وجماعتك التي تقاتل معها، حيث أن الحكم الحق لله رب العالمين وحده لاشريك له.
حقوق الأسير في الإسلام:
نظر الإسلام إلى الأسير الكافر نظر رحمة وحنان ، بالإحسان إليه في المأكل والمشرب والمسكن واللباس ورفع الضغوطات والمشاق عنهم ، وراعى لهم من حقّ الحياة وحقّ الإنسانية حينما كان الأسير لا يرى له أي حرمة وكرامة، في الجاهلية.
أمر النبي صلى الله عليه وآله بالإحسان إلي الأسرى في غزوة بدر، وهم الذين لم يراعوا له أيّ حرمة ، بل أخرجوه من بلده وحاربوه وقالوا في حقه ما لم يليق بجليل مكانته عليه السلام .
إطعام الأسير واجب على من أسره حتى يوصله إلى رئيس الجيش أو من نصبه وليّ الأمر لذلك.
يقول الله تعالى: « ويُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً ويَتِيماً وأَسِيراً » وهي كما ترى قد نزلت في حق الأسير، فالأسير يطعم وان كان يقدّم للقتل بسبب الجرم الذي ارتكبه.
فهل راعيتم حق الأسير في المأكل أيها الجنود، الذين تسمون أنفسكم أوشاوس، او أي أسم أخر من الأسماء التي تفتخرون بها، فهل يأكل الأسير مما تأكلون منه، أم ينوم جائعاً بينكم، وانتم تأكلون ألذ الطعام وأطيبه.
وهل تسقون الأسير مما تشربون منه؟ فسقاية الأسير كإطعامه واجبة عليكم في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روي عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله في بني قريظة انه قال بعد ما احترق النهار في يوم صائف : « لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح قيلوهم حتى يبردوا »
لم يرض صلَّى اللَّه عليه وآله بالنسبة إلى اليهود المحكوم عليهم بالقتل بقضاء من رجل رضوا به ان يقتلوا في حرّ الشمس وأمر أن يقيلوا حتى يبردوا فكيف يرضى للأسير ان لا يكون له ظلّ يسكنه، يجب عليكم كذلك ان تسكنوا الأسير في مكان مناسبة يليق به وبالإنسانية، وأن تراعوا حق الإسلام فيه.
وإذا لم يكن للأسير ثوب يجب إعطاء الثوب له كما ورد أنه لما كان يوم بدر أتي بالأسارى وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله له قميصا فوجدوا قميص عبد اللَّه بن أبي، هذا مضافا إلى شمول الرفق والإحسان الوارد في الحديث لذلك ، وكذا قوله عليه السلام : « استوصوا بهم خيرا ».
كما أمر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله بإكرام كريم كل قوم كما في النصوص « إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وان خالفكم »، فالخير كل الخير في إتباع هدي النبي صلى الله عليه وآله، وعليكم جميعاً بالرجوع إلى كتاب الله، بوقف القتال، فدم المسلم أعظم عند الله تعالى من حرمة الكعبة، فكيف أحللتم دمكم أيها الناس، فالدنيا ما هي إلا ساعة، اتقوا الله ومن ترجون من الشفاعة في الأسير، وفي دمائكم وأموالكم وأعراضكم.
بقلم: يوسف الصديق