أخبار السودان :
ابحث عن اسرائيل فى صراع الخرطوم
ليس غريبا ولا جديدا على إسرائيل ان تثير الفتنة وتستثمر فيها ، فهذا ديدنها الذى نشات عليه ، وصراع الجنرالين فى الخرطوم ليس بعيدا عن إسرائيل قطعا ، ومن المؤكد انها ليس بعيدة عنه ، بل هى فى لبه تحركه وتديره وتوجهه وتوظفه.
المتصارعان حليفان للعدو ، وكل طرف منهما يسعى للتقرب اكثر إلى اسرائيل ، لعل ذلك يمكنه من امتلاك مفاتيح الدخول إلى الغرب وتقاطعات الغربيين ، وهما – طرفا الصراع – غير ابهين بمواقف شعبهما الواضحة ضد التطبيع ، وإذا رجعنا إلى الارشيف قليلا نجد البرهان يقول بصراحة – ولا يخفى كلامه هذا – ان ملف العلاقة مع إسرائيل احد الملفات التى كانت ضرورية (بحسب تعبيره) غافلا او متغاغلا عن حقيقة مهمة وهى انه لم ينل تفويضا اصلا يمكنه من اتخاذ قرار فى هذا الموضوع الهام ، اما الجنرال حميدتى فكان اكثر وضوحا وصراحة ، وأقل دبلوماسية وحنكة ، وهو يقول نحن نحتاج إلى اسرائيل ، وكأنه يتحدث عن تجارته وشركاته واستثماراته وليس مصير شعب وربطه بعدوه.
ولن يحتاج الشخص العادى إلى كثير جهد ليكتشف وجود إسرائيل فى معمعة الصراع الدائر فى الخرطوم ، فالعدو الاسرائيلى متمترس خلف المشهد ، يريد أن يوجد صورة من الحل ، ويقرب بين وجهات نظر الفرقاء ، فنراه يطرح مبادرة للصلح بين المتصارعين ، ويقترح استضافة لقاء بين الخصمين ينهى النزاع ، ويجعل حليفيه فى وضع يجنبهما الانهيار ، وليبقيا ضعيفين محتاجين له ، معولين على ضرورة اكمال ملفات التطبيع حتى يحظى كل منهما بالحماية التى تؤمن له البقاء فى المشهد وعدم مغادرته ، ولا تهتم إسرائيل بغير الحفاظ على التطبيع ، وعليه فان استعصى جمع الرجلين فليس مهما عند إسرائيل من المنتصر فى هذه المعركة ، وايا يكن فهو حليف لها ، وعبره ستكمل مسيرة التطبيع ، وتقيم العلاقة معه ، وبذا تكون اسرائيل قد دخلت هذا الصراع من أوسع الأبواب ، وفينا من ينظر بسذاجة وبلاهة إلى الأمر وكأنه صراع بين متمافسين فى الداخل على الفوز بالحكم دون وجود أجندة للخارج فى الصراع فى حين ان الواقع هو تصارع القوى الإقليمية والدولية فى ساحتنا عبر عملاء لها من بنى جلدتنا ولن يطالنا منها الا البؤس والعناء ومزيد من الاسى.
سليمان منصور