إسرائيل “منبوذة” دوليا.. تراجع الدعم الأمريكي وتعاطف أوروبي مع فلسطين
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”السيطرة” على كامل قطاع غزة، متحديًا انتقادات دولية متزايدة وتهديدات من ثلاث دول حليفة رئيسية باتخاذ “إجراءات ملموسة” ضد إسرائيل، وذلك وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية عن تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وحلفائها التقليديين، في وقت تشهد فيه غزة أسوأ أزمة إنسانية منذ بداية الحرب، أودت بحياة أكثر من 53 ألف فلسطيني.
إجراءات ملموسة
في بيان مشترك وصفته “ذا جارديان” بأنه غير مسبوق في حدته، وصفت كل من بريطانيا وفرنسا وكندا التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة بـ”الفظيع”، محذرة من اتخاذ “إجراءات ملموسة” إذا لم توقف إسرائيل هجومها المتجدد وترفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
وأشارت الدول الثلاث في بيانها إلى أن الظروف في غزة أصبحت “لا تُطاق”، معتبرة أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة “غير كافية تمامًا” لمواجهة الكارثة الإنسانية، وحذرت من أن استمرار الحصار قد يشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
في المقابل، رد نتنياهو بحدة على البيان، إذ قال إن “القادة في لندن وأوتاوا وباريس يقدمون جائزة ضخمة للهجوم العنيف على إسرائيل في 7 أكتوبر، ويدعون لمزيد من الفظائع المماثلة”، مضيفًا أن إسرائيل ستواصل القتال حتى تحقيق “النصر الكامل”، حسب ذكره.
أوروبا تنتفض
وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية، بأن الاتحاد الأوروبي يستعد، اليوم الثلاثاء، لاتخاذ موقف حازم تجاه إسرائيل، إذ كشفت الصحيفة، نقلًا عن مصدر أوروبي، أن وزراء خارجية دول الاتحاد سيعقدون اجتماعًا لبحث إمكانية تعليق اتفاقية الشراكة المبرمة مع تل أبيب.
ومن جانبها، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن أن هذا الإجراء جاء نتيجة مبادرة هولندية تهدف إلى إعادة النظر في العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وتعليق الاتفاقيات القائمة، موضحة أن هذه المبادرة تستند إلى المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تسمح بتعليق الاتفاقية إذا أقر التكتل بوجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، يدفع باتجاه إجراء تقييم رسمي لامتثال إسرائيل لبند حقوق الإنسان في الاتفاقية؛ بهدف تعليقها، مشيرة إلى أن هذا الموضوع سيجري التصويت عليه، اليوم، خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وتتطلب هذه الخطوة موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، حتى يتم تمريرها.
تصعيد عسكري
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة خان يونس بأكملها “منطقة قتال”، مطالبًا المدنيين بالإخلاء الفوري، في وقت أسفرت فيه الغارات الجوية عن استشهاد أكثر من 60 شخصًا، وفقًا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية.
وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، في تصريحات نقلتها الصحيفة البريطانية: “سنمحو ما تبقى من غزة الفلسطينية”، مضيفًا: “الآن نحتل ونطهر ونبقى – حتى يتم تدمير حماس”.
وفي مقطع فيديو نشره على تطبيق “تيليجرام”، قال نتنياهو: “القتال شديد ونحرز تقدمًا، سنسيطر على كل أراضي القطاع”، في إشارة واضحة إلى رفض الدعوات الدولية لإنهاء الحرب التي دخلت شهرها الثامن.
أزمة المساعدات تتفاقم
تحت ضغط دولي متزايد لمنع مجاعة وشيكة، أعلن نتنياهو، ليلة الأحد، تخفيف حصار غزة المستمر منذ 11 أسبوعًا لمنع “أزمة مجاعة”، لكن الأمم المتحدة قالت إن تسع شاحنات فقط من المساعدات تم السماح لها بالدخول بعد قرابة 24 ساعة من الإعلان.
وتعليقًا على ذلك، رأت “ذا جارديان” أن هذه الكمية تمثل أقل من 2% من الشحنات اليومية التي كانت تدخل قبل الحرب، ولن تُحدث فرقًا ملموسًا في الأزمة التي تطال معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي مقطع فيديو نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، اعترف نتنياهو بأن قراره بالسماح بدخول كمية قليلة من الغذاء إلى غزة جاء تحت ضغط من حلفاء مقربين، حيث قال إن “أعضاء مجلس الشيوخ” الذين هم “أعظم أصدقاء إسرائيل في العالم” حذروا من أنهم سيوقفون دعمهم للدولة بسبب صور الفلسطينيين الجوعى.
انقسامات في واشنطن
رغم التقارير عن تزايد الضغوط من إدارة ترامب لزيادة المساعدات، ما زال البيت الأبيض يدعم إسرائيل علنًا، إذ قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جيمس هيويت، في بريد إلكتروني لـ”ذا جارديان”: “لقد رفضت حماس مقترحات وقف إطلاق النار المتكررة، وبالتالي تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الصراع”.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، نقلًا عن مصدر مطلع على المناقشات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أن الأمريكيين يتخذون موقفًا أكثر حزمًا تجاه إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة.
كما أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بتزايد الضغط الأمريكي على إسرائيل للموافقة على إطار لوقف إطلاق النار مؤقت.
ونقلت “ذا جارديان” عن المصدر قوله: “رجال ترامب يُعلمون إسرائيل: سنتخلى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب”، مشيرة إلى أن ترامب وجيه دي فانس تجاوزا إسرائيل في رحلتيهما الخارجيتين الأخيرتين، فيما فُسر على نطاق واسع بأنه تجاهل متعمد لنتنياهو.
تراجع دعم لإسرائيل
وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة “جالوب” في مارس، انخفض الدعم الأمريكي لإسرائيل إلى 46%، ما يعد أدنى مستوى له منذ 25 عامًا، بينما ارتفع التعاطف مع القضية الفلسطينية إلى مستوى قياسي بلغ 33%.
وأشارت “ذا جارديان” إلى أن الديمقراطيين أبدوا تعاطفًا مع الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين بنسبة ثلاثة إلى واحد.
وفي سياق متصل، أرجع السيناتور بيرني ساندرز، خلال حلقة من برنامج “The Late Show with Stephen Colbert” على شبكة CNN الأمريكية، تردد واشنطن في تغيير مسارها على القوة المالية، لجماعات الضغط السياسية في الولايات المتحدة.
وقال ساندرز: “إذا تحدثت عن هذه القضية، فستواجه لجان العمل السياسي مثل إيباك”، مشيرًا إلى حملة، بلغت قيمتها 14.5 مليون دولار، لإقصاء ممثل الديمقراطيين جمال بومان بعد اتهامه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.