اخبار السودان:
إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب يفتح تساؤلات عديدة بشأن الاستفادة من الخطوة التي كان ينتظرها الجميع في ظل الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها البلاد، ولعل أبرز تلك التساؤلات تتعلق بكيفية الاندماج في النظام المصرفي العالمي، الأمر الذي يتطلب إجراء إصلاحات في مؤسسات المال في البلاد. الحكومة الانتقالية، بدورها، تدرك أنها أمام تحديات اتخاذ قرارات كبرى.
أولى تلك القرارات، بحسب خبير العلاقات الدولية راشد محمد علي، تحديث نظام إدارة الدولة، شريطة أن يعفي هذا النظام الحكومة من الصراع السياسي والاستقطاب، مشيرًا إلى أن هذا يمهد للمجتمع الدولي التعامل مع الدولة وليس مع المنظومات السياسية، وذلك لمنع تأثر مصالح السودان الخارجية.
ويلقي خبير العلاقات الدولية على الحكومة طموح أكبر يتمثل في صنع نظام دولة مرن ذي كفاءة وفعالية، يعمل على المصالح الحيوية وجذب استثمارات الدول وليس الافراد، مشددا على انه اذا ارادت الاندماج في النظام المالي العالمي عليها ان تحل القيود حتى يسهل التعامل مع كل المنظومات الدولية والاقليمية والمنظمات الاقتصادية والتنموية. وأوضح راشد، خلال حديثه لـ(السوداني)، إنه يجب على السودان استغلال الفرصة المتاحة له لاندامجه في المجتمع الدولي، وذلك بالعمل على إدارة الخرطوم للملفات الداخلية المعقدة والمتصلة بالسياسة والأمن والسلام، حتى تستطيع الاستفادة من الفرصة التي فُتحت أمامها.
سياسات واضحة
وقبل تكوين نظام دولة تكون فيه الحاكمية للمؤسسات، يقول الخبير الاقتصادي كمال عبدالرحمن، إن المطلوب من الحكومة الانتقالية أن تنتهي من الفوضى الداخلية اولاً. ومن ضمن ذلك مراجعة القطاع المصرفي وانهاء حالة الترهل والفساد وتعيد الهيكلة وخاصة ما يحدث في بنك السودان المركزي وان تُعلي من مبدأ المحاسبة والشفافية لان النظام المالي العالمي لا يرتبط بالانظمة الفاسدة والمترهلة، وتأهيل البنية التكنولوجية حتى تواكب العالمية في التعاملات المالية والمصرفية ، ما عليها ان تضع سياسات واضحة حيال تحويلات المغتربين حتى تكون جاذبة ليس فيها وعود كاذبة وليس فيها لبس وان تقوم على الشفافية لانه تقريباً تصل إلى 9 مليارات دولار .
وأضاف كمال، لـ(السوداني)، على الحكومة انشاء شركة كمؤسسة للصادرات الرئيسة من الحبوب الزيتية وغيرها والمعادن بعيداُ عن اي محكاكات واستقطابات سياسية وذلك يضمن حتى عائدات الصادرات ويثبت السودان انه دولة تسعى لتحسين موقفها في مجال الشفافية، مضيفاً ويسعى الى تغيير ترتيبهُ المتاخر في اكثر الدول فساداً.
وقال كمال على الحكومة ايضاً ضبط الانفاق الحكومي ومحاسبة كل المفسدين من 1989م و حتى اليوم، محاكمة شفافة وعادلة وواقعية وليس على الورق، داعياً الى تحسن صورة السودان دولياً حتى يستفيد من رفع اسمه من قائمة الارهاب بعد سد كل الثغرات التي تجعله يوصم مرة اخرى بتلك الوصمة.
شاقة وصعبة
المحلل السياسي والكاتب الصحفي أسامة عبدالماجد يذهب في حديثه لـ(السوداني)، إلى ان الحكومة الانتقالية مطلوب منها ان ترتب اوضاعها للمرحلة جديدة مرحلة السودان خارج قائمة الارهاب،واصفاً ان المرحلة ستكون شاقة وربما اكثر صعوبة من المرحلة الماضية ، لكنها ستعيد تقديم السودان بشكل جديد بعيدا عن العبء السابق على كاهل الدولة السودانية التي وضعها فيه النظام السابق.
وأكد أن ذلك يتطلب تشكيل فريق سياسي ودبلوماسي وامني يقوم بدراسة كيفية تقديم السودان في شكل جديد، موضحاً ان ذلك يستدعي معالجة وتغيير عدد من القوانين اولها قانون الاستثمار والعمل على كيفية اقناع الخارج بان السودان يصلح للاستثمار.
وأضاف عبدالماجد أن التحدي في المقام الاول للحكومة هو اقتصادي وليس سياسي او متعلق الحريات الدينية كما تعتقد، موضحاً انه ينبغي ان تفكر في كيفية تعديل القوانين وتسهيل الاجراءات في كبسولات كما في الدول المتقدمة، مشيراً إلى انه عليها تأهيل البنوك بشكل أكبر، منوهاً إلى أن القرارات التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين تجاه البنوك اضرت بالقطاع المصرفي من حل المجالس واعفاء المدراء الامر الذي احدث فراغا عريضا يتطلب من الحكومة رفع مستوى .
واشار عبدالماجد الى ان المهم في الفريق الدبلومسي تفعيل اداء الخارجية بشكل اكبر موضحاً ان هناك دورا كبيرا مطلوبا من السفراء مع العمل على سد ثغرات الانتقالية في الملف الخارجي ، منوهاً إلى ان اداء السفراء كان ضعيفا وواضحا ابان جائحة كورونا وكذلك لم يفلحوا في الترويج لما بعد التغيير وذلك نسبة لضعف الوزير السابق علاوة على قلة حيلة الوزير المكلف الحالي .
واضاف: على الحكومة ان تدعم جهاز المخابرات و تمنحه الثقة لانه من اقوى الاجهزة في المنطقة حتى يواصل الاداء الخارجي بشكل اكبر و يتم استكمال الملفات الخارجية مع بعض الدول منها روسيا ودول المنطقة، موضحاً أنه يجب تكامل الملف الامني و الدبلومسي لان كل ملفات الخارج بها نقاط ارتكاز امنية .
واختتم اسامة حديثه لـ(السوداني) بان التنسيق بين المؤسسات يمكن ان يساعد في عمل شيء ولكن الحديث فقط عن اعادة السودان للاسرة الدولية واستطرد قائلا(لن تكون هناك اعادة كما تعتقد الحكومة) .
السوداني