كشف موقع المشهد السوداني أن إسلاميي السودان يعقدون اجتماعات سرية لتنسيق حملة للمطالبة بإطلاق سراح الرئيس المخلوع، عمر البشير، بالتزامن مع وضع ترتيبات سريّة وحشد قوات عسكرية تمهيداً لإغلاق إقليم شرق السودان بالتزامن مع توقيع الاتفاق النهائي حول العملية السياسية.
وعاد الإسلاميون في السودان إلى التحرك مجدداً على الساحة السياسية من بوابة اجتماع لتنسيق حملة للمطالبة بإطلاق سراح الرئيس المعزول، وأعوانه المعتقلين على ذمّة القضية الخاصة بانقلاب 30 يونيو 1989، ولوحوا بإسقاط توقيع الاتفاق النهائي حول العملية السياسية عبر إغلاق إقليم شرق السودان.
وكان البشير قد اعترف في 20 ديسمبر الماضي بتحمله مسؤولية الانقلاب والذي قاده إلى السلطة قبل نحو 30 عاما، وذلك خلال جلسة محاكمته مع مجموعات من كبار الضباط ومدنيين بتهمة تقويض النظام الدستوري والسيطرة على السلطة بالقوة عبر انقلاب عسكري قاده بدعم من حزب الجبهة الإسلامية في العام 1989.
ويأتي تصعيد أنصار البشير بعد أن وجدوا أنفسهم خارج العملية السياسية الجارية، وسط تحذيرات أحزاب سياسية سودانية في مقدمتها الحزب الشيوعي من إمكانية أن تقوم تلك الجماعة بتوظيف أذرعها العسكرية داخل الجيش للقيام بانقلاب جديد يمكنهم من القبض على مفاتيح السلطة مرة أخرى.
ويقول خبراء مهتمون باستراتيجيات حركات جماعات الإسلام السياسي، إن أنصار الرئيس السوداني المعزول مستعدون لفعل أي شيء للعودة إلى السلطة، معتبرين أن تلك الجماعات تتغذى أصلا من العنف والفوضى وتعيد بناء نفسها من خلال هذا الثنائي (العنف والفوضى)، مستشهدين في ذلك بالتاريخ الدموي لجماعة الإخوان في مصر التي رفعت السلاح بوجه الدولة وهو نهج لم تتخل عنه إلى الآن رغم انحسار نفوذها وقوتها.
وكشف أحد المتحدثين خلال الاجتماع، عن ترتيبات سريّة وجيوش أعدّت لإغلاق إقليم شرق السودان بالتزامن مع توقيع الاتفاق النهائي حول العملية السياسية.
وقال مبارك النور، إن بمقدوره أن “يحرك جيشاً مجيّشاً لإغلاق الشرق من أجل إطلاق سراح عمر البشير وأعوانه متى طلب منه ذلك”.
وظهر النور وهو نائب سابق في البرلمان، في تسجيل مصوّر من داخل اجتماع وهو ينادي بإطلاق سراح البشير وقال: “قمنا بتكوين 13 لجنة في آخر اجتماع للتنسيقية العليا لمكونات شرق السودان التي أشغل أنا أمينها العام”.
وأضاف: “قمنا بتكوينها (أي اللجان)، لنسقط بها الاتفاق الإطاري من خلال خطة لإغلاق شرق السودان في ذات اليوم الذي يتم فيه التوقيع على الاتفاق”.
وتابع: “كانت تلك ترتيبات سريّة وأنا الآن أعلنها هنا.. هذا الأمر مرتب وجيوشه مجيشة”، مضيفاً: “الآن ذات هذا التجييش لو أردتموه لهذا الموقف، يمكنكم أن تعتبروه جاهزاً وأنا مسؤول عن ذلك”.
ودعا النور إلى استدعاء منظمات عسكرية وميليشيات كانت موجودة في عهد النظام السابق قائلا: “الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والخدمة الوطنية والطلاب والشباب، يجب أن يتم الاتصال بهياكلها وعناصرها من المركز وحتى المحليات”.
وينحدر مبارك النور من مدينة الشوّاُك بولاية القضارف شرقي السودان، ويعد واحداً من عناصر المؤتمر الوطني المحلول الفاعلين في تلك الولاية، وقام الحزب بترشيحه في دائرة الفشقة بولاية القضارف وأضحى عضواً بالبرلمان في دورته الأخيرة، ويشغل الآن منصب الأمين العام للتنسيقية العليا لمكونات شرق السودان.
وبالإضافة إلى تهديدات النور، شهدت أوساط المؤتمر الوطني، حزب البشير المنحل، حراكاً كثيفاً خلال الأيام الماضية، شمل تهديدات مسلحة ساقها إثنان من العناصر المحسوبة على النظام المعزول.
فقد استدعى الناشط في أوساط النظام السابق، ناجي مصطفى، مجموعة من المسلحين الملثمين ليصطفوا خلفه أثناء كلمة ألقاها في لقاء بولاية النيل الأبيض، وفق صحيفة (سودان تربيون).
أما القيادي في المؤتمر الوطني المنحل، إبراهيم محمود، فعقد لقاءات واجتماعات بولاية البحر الأحمر، ودعا إلى العمل على “خلق اصطفاف وطني عريض لمواجهة التدخل الأجنبي الغربي”.
في المقابل، نفى متحدث باسم المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة بشرق السودان، عبدالباسط ود حاشي، أن يكون للمجلس أي نيّة لإغلاق شرق السودان بالتزامن مع توقيع الاتفاق النهائي.
وأضاف: “نحن قضيتنا تتعلق بشرق السودان وليس هناك ما يربطنا بالنظام السابق ولا أنصاره”.
ويأتي تصعيد أنصار البشير، في وقت تقول فيه الأطراف التي وقعت على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي، إن التفاهمات بينها ماضية في اتجاه توقيع اتفاق نهائي.
ومن المنتظر أن يقود الاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية إلى تشكيل حكومة مدنية جديدة تقود فترة انتقالية مدتها 24 شهراً، وتنتهي بإجراء انتخابات عامة تضع البلاد على طريق التحول الديمقراطي.
المصدر: الديمقراطي