قابلت الخرطوم قرار تمديد تعليق إغلاق الشرق لـ15 يوماً بارتياح كبير، في الوقت الذي يرى فيه مسؤولون في الموانئ البحرية والموردون أن التمديد رغم إيجابياته إلا أنه لا يمكّن من انسياب العمل بشكل سلس، ويؤدي إلى زيادة تراكم البضائع، والإحجام عن طرح الجديدة منها في الأسواق، ويضاعف من التضخم والمشاكل الاقتصادية.
وأعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، السبت الماضي، عن تعليق إغلاق الشرق الذي كان من المفترض أن ينفذ بداية من الأحد الماضي، لمدة 15 يوما، استجابة للمهلة التي طالب بها رئيس اللجنة العليا لحل أزمة الشرق، النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان حميدتي.
وقال المدير العام المكلف بهيئة الموانئ البحرية، د.عصام الدين حسابو، لـ”العربي الجديد”، إن هيئة الموانئ لم تتسبب في الإغلاق وليست طرفا في حلّه. غير أنه أعرب عن أمله في الوصول إلى حل توافقي بين الحكومة الانتقالية ونظارات البجا والعموديات المستقلة لإنهاء المشكلة، لانسحاب آثارها السالبة على الموانئ في البحر الأحمر.
ووصف حسابو تأجيل إغلاق الشرق بالخطوة الجيدة، متوقعا إعادة التمديد مرة أخرى، إلا أنه شدد على أهمية عدم ربط فتح الموانئ بتوقيت زمني محدد، لاستغراق فتح حجوزات الشحن للبضائع الصادرة والواردة من ميناء بورتسودان لموانئ الصادر بواسطة وكلاء الخطوط الملاحية لشهر وأكثر أحيانا، ما يحتم فتح الموانئ بشكل دائم.
وقال إن توقّف آليات الشحن والتفريغ والسحب في الموانئ عن العمل لفترة طويلة يتسبب في تعطل أجهزة التحكم الإلكترونية بها، ويفاقم من الخسائر على البلاد، لافتا إلى انسياب البواخر في الميناء الجنوبي بشكل طبيعي. وقال إن إنتاجيتنا اليومية في الحاويات المتكافئة حوالي 1500 حاوية، ونتوقع أن ترتفع إلى 2000 حال انسياب العمل بلا معوقات.
وأشار المُورد زاهر الصديق، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن تعليق الإغلاق للشرق لـ15 يوما فقط يفاقم من الأضرار الاقتصادية والتجارية على البلاد، لاضطراره رجال الأعمال والموردين إلى احتكار وتخزين البضائع التي يتم شحنها خلال هذه المدة، وعدم طرحها للبيع في الأسواق، تحسبا لاحتمالات انتهاء المهلة وعودة الإغلاق مرة أخرى، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة أسعار السلع الاستهلاكية وسيادة ظاهرة الندرة فيها وتفاقم المعاناة المعيشية للمواطنين.
وشكا الصديق من غياب الكيانات القانونية التي تنافح عن قضايا أصحاب العمل والموردين، من خلال التشاور مع الحكومة الانتقالية، لوضع حلول لمشاكلهم كافة، بما فيها آثار الإغلاق الأخير للشرق، والذي تسبب في خسائر فادحة لهم، داعیا لحل نهائي لأزمة الشرق.
ودعا المُصدر خالد محمد خير، في حديث لـ”العربي الجديد”، الحكومة الانتقالية في السودان، إلى ضرورة الإسراع في حل أزمة الشرق خلال المهلة المعلنة وفك الاحتقان السياسي الراهن بسببها، حتى لا تتأثر حركة الصادر السوداني للخارج بسبب الإغلاق وإعاقة التزام المصدرين بالعقودات التي أبرمت لتنفيذ عمليات الصادر
وقال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ”العربي الجديد”، إن تعليق الإغلاق خطوة موفقة للتأثيرات الكبرى للإغلاق على القطاعين العام والخاص، حيث تضطر الشركات العالمية إلى تغيير تعاملها ورسومها مع الموانئ السودانية، بزيادة نسبة النولون إلى 50%، علاوة على زيادة تكلفة التأمين البحري على السفن والتأمين على البضائع، وهذا يزيد من التكلفة، مما يُؤثر على المواطنين السودانيين في الأجلين المتوسط والطويل حتى بعد انتهاء الأزمة.
وذهب فتحي، في معرض حديثه، إلى أن عودة موانئ السودان للعمل بشكل طبيعي علي البحر الأحمر يستغرق عدة أشهر، حتى وإن تم فتح الشرق وحل المشكلة جذريا، ما ينجم عنه تراكم البضائع والسلع بكميات كبيرة لفترات تتراوح بين 6 و8 أسابيع، مع استمرار مشاكل التوريد خلال ذروة الطلب في البلاد، ويتسبب في زيادة قيمة الشحن البحري للسودان، وهو ما سيكبح نمو التجارة السودانية ويزيد من وتيرة التضخم المالي.
وقال إن أي اتجاه لإعادة إغلاق الشرق يفقد البلاد 40 مليون دولار يوميا من عائدات حركة الصادرات والواردات في موانئ بورتسودان، فضلاً عن عائد حركة الركاب والمسافرين.
وأفاد بأن صناعة النفط السودانية تعرضت لأكبر عائق منذ ظهور البترول وتصديره في 1998، بسبب الإغلاق الأول للشرق، والذي عطل حركة الخطوط الناقلة لبترول السودان وبترول دولة جنوب السودان في الشرق، مما نتجت عنه خسائر فادحة، أدت إلى خسارة السودان نحو 28 ألف برميل نفط يوميا تمنح من دولة جنوب السودان، قيمتها 2 مليون دولار تقريبا يوميا، إضافة إلى خسائر رسوم عبور بترول جنوب السودان، وهي 25 دولارا عن كل برميل، حيث تمر عبره يوميا 125 ألف برميل، ما يصل عائدها إلى 1.1 مليون دولار تقريبا.
وفي خطوة استباقية لقرار التمديد، أبدت نظارة “عموم قبائل الأمرار والعموديات المستقلة” رفضها الكامل لإعادة الإغلاق، وأكدت في خطاب لوالي البحر الأحمر المكلف عدم سماحها لكائن من كان بالإغلاق، خاصة أنهم تضرروا كثيرا جراء الإغلاق السابق، بجانب أن الموانئ مصدر دخل للشعب السوداني ورافد حقيقي للموازنة العامة للدولة، وأن هذه الموانئ تتبع لنظارتهم جغرافيا.
المصدر: العربي الجديد اللندنية