أتجازين الإحسان بالاساءة يامقديشو
عاش الشعب العربي المسلم فى الصومال ظروفا قاسية جدا ، ففى مطلع تسعينات القرن الماضى دخلت البلد فى متاهة شديدة الصعوبة حيث انهيار الحكومة الذى لحقه انهيار الدولة وضياع الوطن الى الفوضى التى ضربت باطنابها كل البلد وانتشار العنف والفساد والجريمة فى ظل غياب تام للقانون ، وضياع هيبة الدولة مما فتح الباب واسعا للجماعات الإرهابية ان تبيض وتفرخ وتسرح وتمرح ، وساعد فى ذلك دخول القوات الأمريكية غازية ، وما تعرضت له من هزيمة ساحقة مسحت بالمارينز الأرض ، وجعلتهم يغادرون إلى بلادهم افقيا بعد ان جاءوا عموديا.
فى هذه الأوضاع السيئة عاشت الصومال وذاق أهلها الأمرين ، وراينا بوضوح كيف نخرت المجاعة فى الأجساد البالية وقطعت الاوصال المتعبة لهذا الشعب المسكين ، وكم كان موقف الشعوب العربية والمسلمة عظيما وهى تتنادى لنصرة الأشقاء فى الصومال ، وانتظمت العديد من البلدان حملات شعبية كبرى لدعم واغاثة الأشقاء الصوماليين ، واستقبلت العديد من بلدان العالم ومن بينها بلاد العرب والمسلمين الصوماليين الذين رتبوا امورهم فى هذه البلدان ، وعاشوا بين أهلها محفوظة كرامتهم محترمين يحظون بالتقدير الكامل.
هذه المصاعب التى عاشها اهل الصومال من تشرد وجوع وفوضى وانعدام للأمن جعلتهم يعملون بجد على إنهاء ما يعانون منه ، ويسعون بكل ما يستطيعون إلى إنهاء هذه المعاناة ، وبحمد الله وتوفيقه تمكن اهل الصومال رويدا رويدا من استعادة عافيتهم حتى تحولت أوضاعهم إلى الأفضل وودعوا تلك الأيام العصيبة ومن البديهيات ان يكون اهل الصومال اكثر الناس احساسا بأهمية مناصرة المظلوم ودعم الشعوب المقهورة والتعاطف التام مع كل مناضل من أجل الحصول على حقوقه والمساهمة فى رفع هذه المظلومية ومناصرة المستضعفين والا فانهم يكونوا قد خرجوا من ازمتهم دون الإستفادة منها والاعتبار مما وقع عليهم.
واذا بحثنا على وجه الأرض عن شعب تعرض للظلم واستمرار العدوان عليه وانه يجب على كل حر شريف فى الأرض ان يناصر هذا الشعب المظلوم ويقف بقوة فى وجه ظالميه فإننا لن نجد مثالا اوضح من الشعب الفلسطينى الذى يحارب الاحتلال الصهيونى العنصرى الظالم ، ولايمكن ان يتصور احد ان شعبا كالشعب الصومالى الذى قاسى الأمرين يقف إلى جانب الإحتلال الصهيونى المجرم ويمضى فى ركاب المطبعين الخونة.
إن الإعلان عن إتجاه حكومة الصومال للتطبيع يعتبر بحق أمرا صادما بعيدا عن الإنصاف وعلى الشعب العربى المسلم فى هذا البلد الوقوف بقوة فى وجه حكومته وارغامها على ترك التطبيع حتى لا يأتى قائل يوما ويصف الصوماليين بانهم ممن يقابلون الإحسان بالاساءة ولن يكون من يقول ذلك مخطئا.
سليمان منصور