ظل المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش، العميد الطاهر أبوهاجة، يتصدر المشهد السياسي بتصريحات ظل يطلقها ما بين فينة وأخرى، برزت قبل انقلاب 25 أكتوبر، ومن ثم بعد الانقلاب .
العميد أبو هاجة، بما أنه خلع بزته العسكرية، وأصبح مُنظِّراً سياسياً للمكون العسكري، سنتعامل مع تصريحاته وبياناته على هذا النحو، وسنقارعه الحجة بالحجة؛ لأن الديمقراطية هي الرأي والرأي الآخر، وليس الديمقراطية التي يؤمن بها هو، فالديمقراطية عنده بلا أحزاب، وهذا هو المستحيل بعينه؛ لأنه لا توجد ديمقراطية في كل الدنيا بلا أحزاب، الخلافات فى الرؤي والأفكار هي أساس اللعبة الديمقراطية للمؤمنين بها، وهي ظاهرة صحية.
نعود لتصريح مستشار البرهان في صحف الأمس، حيث قال: “من يريد الحكم الديمقراطي فعليه أن يستعد للانتخابات”.
وأضاف: “من كانوا يخططون ليل نهار لإطالة الفترة الانتقالية لأقصى مدة، هم أنفسهم من يحلمون بتحريك الشارع للعودة القهقرى إلى ما قبل 25 أكتوبر، عسى أن تتحقق أحلامهم”.
أولاً على مستشار البرهان أن يعلم بأن هذا الشارع ليس قطيعاً تحركه الأحزاب، هو شارع يتمتع بوعي كامل يفوق ويتقدم على كل المنظومة السياسية في البلاد، هذه الثورة حتى هذه اللحظة يبدو أنكم لم تستوعبوا الجيل الذي يقودها، هو جيل مختلف في كل شيء لا يقبل بأنصاف الحلول، عندما رفع شعار “تسقط بس” للنظام البائد كان الكثيرون يسخرون، ومضوا في شعارهم، وبذلوا الدماء الذكية والدموع للتغيير، حتى سقط النظام البائد، هذا الجيل “فات الكبار والقدرو”، يتمتع بقوة وإصرار وشجاعة وفراسة ستسطرها كتب التاريخ، صدقني مثل هذا الجيل لا يمكن لشخص أن يقوده كالقطيع.
قالوها بالصوت العالي بعد الانقلاب، الذي تطلقون عليه الثورة التصحيحية “لقد كتب على جيلنا أن تكون نهاية الانقلابات العسكرية في السودان على يدينا، ومستعدون لدفع ثمن ذلك مهما كان”، يا عزيزي إنه “الجيل الراكب رأس”، وقالها وظل يكررها “مدنية” وسيظل يكابد لتحقيق هذه الهدف؛ لأن الحكم الديكتاتوري السابق سرق حاضرهم وحطم مستقبلهم، لذلك لن يسمحوا للعودة القهقرى بنظام ديكتاتوري جديد.
هي معلومة وأقولها لك لوجه الله تعالى، ولا أريد جزاءً ولا شكوراً، وهي يعرفها راعي الضأن فى الخلاء، أن من يخرجون للشوارع الآن من “الجيل الراكب رأس” لا ينتمون كلهم للحرية والتغيير، بل كثيرون لديهم رأي سالب تجاهها، ولكنهم متفقون على مطلب واحد هو مدنية الدولة السودانية.
يقول أبو هاجة: “ينسى هؤلاء أن قرارات الثورة التصحيحية والاتفاق السياسي بين رئيس مجلس السيادة، القائد العام الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ود.عبدالله حمدوك رئيس الوزراء يمثل رغبة وخيار ملايين السودانيين الذين علموا فلزموا، علموا أن من يريد الحكم الديمقراطي فعليه أن يستعد للانتخابات”.
حسناً من أين يأتي الملايين الذين يخرجون للشوارع الآن هل يأتون من كوكب آخر، أم هم مواطنون سودانيون يرفضون العودة القهقرى؟.
ويمضي أبو هاجة قائلاً: “فلن يجدي البكاء على الأطلال وعلى اللبن المسكوب، الذين يرفعون أصواتهم فوق صوت الملايين اليوم صعب عليهم الفطام، فطام السلطة “.
يا عزيزي من يخرجون لا يبكون على الأطلال، وإنما يدافعون عن ثورة دفعواً فيها أرواحهم ودماءهم، وواجهوا الموت ببسالة وفراسة، قدموا مئات الشهداء في مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، ودفعوا (43) شهيداً منذ انقلاب 25 أكتوبر وحتى الآن، ومستعدون لدفع المزيد، لم يخرجوا للبكاء على اللبن المسكوب، وحزناً على الفطام من السلطة، ولكن خرجواً دفاعاً عن حلمهم وتحديد مستقبلهم بدولة مدنية ديمقراطية، وهم الأغلبية لأنهم يمثلون (68%) من سكان السودان، لن يسمحوا بسرقة عرقهم ودمائهم بعد عامين فقط على الثورة، وقالوها وظلوا يكررونها فى كل مواكبهم “الشعب أقوى أقوى والردة مستحيلة”.
يقول أبو هاجة: “حينما أضاعوا الوقت والبلاد في السفاسف، فقطعوا أرزاق الناس وضايقوهم في معايشهم، وعطلوا العدالة فظهر الفساد في البر والبحر واجتهدوا ليلاً ونهاراً لإضعاف المنظومة الأمنية وتفكيكها، وإضعاف القوات المسلحة، فلا بواكي لهم اليوم، لقد أضاعوا الفرصة، وها هو لسان حالهم اليوم يقول أرجعونِ لعلي أعمل صالحاً فيما تركت.. ولكن هيهات”.
من الذي يضيع البلاد في السفاسف، ومن الذي قطع أرزاق الناس، أين كان المكون العسكري طيلة العامين وهو جزء أصيل من الحكومة، ولماذا لم يرد للناس حقوقهم، ولماذا لم يحارب الفساد الذي تتحدث عنه، هل كان المكون العسكري يجلس في مقاعد المتفرجين، أم كان شريكاً اصيلاً في كل نجاح وفشل للحكومة؟.
الحديث عن إضعاف المنظومة الأمنية وتفكيكها وإضعاف القوات المسلحة، هو عارٍ تماماً عن الصحة ، اسمها قوات الشعب المسلحة، حارسة الحدود والمدافعة عن تراب الوطن، لا يمكن لشعب أن يضعف جيشه، ولا حتى فى كوابيس أحلامه، عندما خاضت القوات المسلحة معارك استرداد أراضي الفشقة السودانية، وقف كل الشعب السوداني خلف جيشه.
المحاولة المستميتة لربط الأفراد بمنظومة البلاد الأمنية لن تنجح؛ لأن الشعب أقوى والرد مستحيلة، وكما قالتها حناجر الثوار في الشوارع “الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش برهان”.
المصدر: السوداني