دعماً للتحول الديمقراطي في السودان عقد مؤتمر باريس أولى جلساته صباح أمس بالعاصمة الفرنسية باريس هادفاً إلى التطبيع الكامل للسودان مع المجتمع الدولي وتنوير المستثمرين الأجانب والقطاع الخاص والمصرفيين بالإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها حكومة السودان إلى جانب إبراز فرص الاستثمار في السودان في القطاعين العام والخاص..
وحفل اليوم الأول للمؤتمر بالقاء عدد من الكلمات من قبل الجانب السوداني والفرنسي وآخرين حملت مضامينها سعي السودان للتحول الديمقراطي ومواجهته للتحديات الداخلية والخارجية، وأيضاً منح فرنسا قرض تجسيري للسودان بقيمة مليار ونصف المليار دولار لتسوية قروض السودان مع صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى إعلان المملكة العربية السعودية لإعفاء ديونها للسودان والبالغة 4.5 مليار دولار..
ماذا قال حمدوك؟
رئيس مجلس الوزراء د.عبدالله حمدوك ثمن جهود فرنسا في عملية دعم التحول الديمقراطي بالسودان معبراً عن امتنانه للرئيس الفرنسي ماكرون على تنظيمه هذا المؤتمر..
وأبان حمدوك لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن السودان يتجه نحو السلام والديمقراطية والحكم الرشيد رغم التحديات والصعاب متعهداً بتحقيق ما يصبو إليه السودان والوصول لنهايات ديمقراطية.
وأشار إلى أن السودان بعد ثورة ديسمبر يحتاج لمزيد من الدعم لتحقيق برنامج الفترة الانتقالية وإحلال السلام المستدام وذلك بإصلاح القطاع الاقتصادي والأمني الذي ورثه من النظام السابق وتحقيق مصالح الشعب خلال الفترة الانتقالية.
وأكد أن السودان لديه فرص كبيرة وعلى الشعب اغتنامها لمواجهة التحديات، متعهداً بالمضي قدماً في تعزيز التعاون وتجاوز التحديات خاصة التحدي الاقتصادي المتمثل في تدني نسبة الضرائب التي تمثل أقل من 6٪ كذلك التحصيل الضريبي المنخفض إلى جانب قضية الدين الذي يبلغ 60 مليون دولار إضافة إلى الاحتياجات العاجلة.
وقال إن إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يمثل نقطة تحول كبيرة ومازلنا نحتاج العمل لجني ثمار هذا الجهد، مؤكداً أن الحضور لهذا المؤتمر هو جزء من تلك الجهود. مؤكداً عزمهم السير بقوة نحو الإصلاح واتخاذ الإجراءات الضرورية لمواصلة الطريق.
وأشار إلى أن تحدي جائحه كورونا يمثل تحدياً كبيراً، لافتاً لتعاون بعض الدول مع السودان لجلب اللقاح، مشيراً للاحتياج الكبير في هذا الجانب.
واستعرض حمدوك بعض إنجازات الحكومة الانتقالية خلال السنة ونصف المنصرمة في معالجة بعض الإصلاحات، تمثلت في القانون الجنائي وقانون النظام العام والمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية منها اتفاقية سيداو.
وفي إطار السلام قال سيادته إنه تمت معاهدات مع الجبهة الثورية بجوبا تجاوزنا فيها كل السياسات التي مورست في السابق، لافتاً إلى ضرورة الاجتهاد لضم ما تبقى من ممانعين عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور لمسيرة السلام مثمناً دور فرنسا في هذا الإطار.
أشار حمدوك للإصلاحات الاقتصادية التي تمت منها تخفيض الدعم وتوحيد سعر الصرف الأمر الذي كان يبدو مستحيلاً كذلك بعض الإصلاحات الضريبية إلى جانب جهود متعلقة بإشكالات الديون والجهود في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي تعزز من فرص النمو الاقتصادي كما تمت إصلاحات في قطاع الصحة والتعدين وإنشاء مفوضيه الفساد.
وعبر حمدوك عن تطلع السودان إلى الاستثمار الدولي بالسودان داعياً لجذب الاستثمار مشيراً في هذا الصدد إلى الإجراءات المتعلقة بالشراكة الخاصة.
قرض فرنسا
وفي خطوة توقعها المراقبون أعلنت الدولة المنظمة للمؤتمر عن تقديم دعم لمساعدة السودان بمبلغ مليار ونصف المليار دولار لتعزيز الشراكة بين البلدين.
وطالب وزير المالية الفرنسي برونو لومير، خلال حديثه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، المستثمرين والشركات المشاركة في المؤتمر بالعودة للسودان والاستثمار فيه والمساهمة في جهود تسوية الديون، مؤكداً بذل المزيد من الجهود لجلب الموارد لدعم السودان والوقوف معه خطوة بخطوة.
وأشار إلى أن فرنسا ستسهم في تعزيز المهارات والخطوات الضرورية في مجالات زيادة الإنتاج الكهربائي وتعزيز الإدارة العامة، حتى تكون البيئة حيوية لتحسين بنية الأعمال والبنية الاقتصادية ومواصلة مشوار الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها الحكومة الانتقالية.
وكشف عن دعم فرنسا للشعب السوداني وتحقيق الرفاهية له، مضيفاً أن الأوضاع ما زالت هشه ومشابهة للأوضاع في العديد من الدول.
وقال إن فرنسا سبق أن شاركت في دعم الأسرة السودانية بمبلغ 60 مليون يورو لتقوية الاقتصاد السوداني، مما يؤكد أن فرنسا تعمل في الاتجاه الصحيح.
وتحدث وزير المالية الفرنسي حول دعم بلاده للبنك المركزي السودانى بتعزيز الأنظمة المصرفية وإجراءات توازن سعر الصرف وسهولة الحصول على التمويل وإصلاح المؤسسات السياسية، مضيفاً أن فرنسا ستواصل في دعم السودان لمعالجة كل هذه القضايا، وأشار إلى الخطوات الإضافية الجادة لبلورة خطط العمل المتعلقة بتسوية ديون السودان.
الخزانة الأمريكية
وقد حضرت وزارة الخزانة الأمريكية بدورها المؤتمر هاتفياً مثمنة جهود السودان في إصلاح القطاع المصرفي وتهيئة بيئة الاستثمار.
وعبر ممثل الخزانة الأمريكية بـ(جلسة بيئة الأعمال وتسليط الضوء على الاستثمار بالسودان)،عن سعادته بعودة السودان للمجتمع الدولي متمنياً المزيد من الخطوات المتعلقة بالقطاع المصرفي بالسودان.
مشيراً إلى أنه شخصياً تمكن من القيام بأعمال تجارية في السودان داعياً إلى تهيئة بيئة الاستثمار، مشيداً بإجازة الحكومة الانتقالية النظام المصرفي المختلط بعد إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات التي كانت مفروضة عليه.
وأشاد بجهود بنك السودان في مجال محاربة غسل الأموال وتشجيع الاستثمار.
وزير المالية
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور جبريل إبراهيم الذي حضر المؤتمر برفقة مستشارته الحالية وسلفه في المنصب هبة محمد علي، تحدث عن تطلع السودان إلى الشراكات الاستراتيجية في قطاعات الطاقة والزراعة بشقيها والتعدين إلى جانب الاتصالات.
وأكد جبريل خلال مخاطبته المؤتمر، التزام الحكومة بتوفير البيئة الملائمة من خلال الإصلاحات المتعلقة بالإطار القانوني لجذب الاستثمارات الأجنبية، مشيداً بالقرض التجسيري المقدم من الحكومة الفرنسية لدعم الشراكة بين البلدين.
وأشار إلى الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الانتقالية والمتعلقة بسعر الصرف وتخفيض عجز الموازنة للعمل على خفض التضحم بالبلاد، مؤكداً أن الحكومة تعمل على تعزيز آليات تخفيف المخاطر وتوفير الحوافز للمستثمرين.
وأكد جبريل حرص الحكومة على توفير مصادر الطاقة لجميع أنحاء البلاد للاستفادة منها فى المجال الزراعي والخدمات الأخرى، كاشفاً عن وجود احتياطي مقدر من النفط، مشيراً الى أهمية بذل المزيد من الجهود لزيادة عمليات الاستكشاف في المجال النفطي خاصة وأن آبار الإنتاج النفطي تعتبر محدودة منوهاً إلى أن البيئة فى المجال التعديني بغرب السودان مؤاتية، خاصة وأن السودان به 16 ولاية تعمل في مجال تعدين الذهب.
وقال إن السودان يمتلك موانئ في موقع استراتيجي تستقبل جميع أنواع البضائع من دول العالم متطلعاً للاستفادة من الفرص المتاحة في مجال النقل النهري.
واستعرض جبريل الفرص المتاحة في قطاع الاتصالات وأن السودان لديه حزمة من المشاريع للاستثمار في مجال الاتصالات خاصة في المناطق التي كانت تتأثر بالنزاعات.
وقال إن السودان لديه مساحات شاسعة تحتاج إلى الاستغلال الأمثل فضلاً عن وجود ثروة حيوانية هائلة، مشيراً إلى أن مشروع الجزيرة يعتبر أكبر مشروع مروي في العالم، داعياً إلى ضرورة تحسين أنظمة الري والبنية التحتية بالمشروع.
البنك المركزي
من جهته قال محافظ بنك السودان المركزي محمد الفاتح زين العابدين إن النظام المصرفي قام بإنشاء دليل متعلق بالممارسات المثلى لضمان أن السودان يمتثل للمعايير الدولية في المجال المصرفي، مؤكداً من خلال مداخلته أمس بجلسة بيئة الأعمال فى السودان والوقوف عليها وتسليط الضوء على كيفية الاستثمار في السودان أمام مؤتمر باريس لدعم الانتقال الديمقراطي فى السودان، أن القطاع المصرفي مازال يحتاج إلى المزيد من الجهود خاصة في إجراءات الشمول المالية، قائلاً إننا نعمل مع البنك الدولي لصياغة الخطط الوطنية للشمول المالي. وأوضح أن السودان دشن النظام الجديد لتحقيق الاستدامة، مشيراً لأهمية الدعم الفني الذى قدمته فرنسا ودوره فى إكمال الكثير من الخطط والإجراءات التي تم اتخاذها لخلق نظام مصرفي معافى. وأوضح أن السودان غني بموارده الطبيعية وله إمكانات مهولة واضحة للذين يبحثون عن فرص الاستثمار.
وأكد زين العابدين أن القطاع المصرفي يمكن أن يتلقى الكثير من الاستثمارات خاصة في مجال الصرافة التقليدية واتخاذ إجراءات ضبط الجودة التي تمكن المستثمرين والبنوك التقليدية في العالم من التعامل مع النظام المصرفي في السودان. وأكد أن البنك المركزي أصدر توجيهات وإجراءات ضرورية لإصلاح القطاع المصرفي ولتحقيق الاستقرار وتقوية الإجراءات المحاسبية والشفافية وإعادة هيكلة البنوك التجارية، مضيفاً لدينا الكثير من الإجراءات المتعلقة بالخصخصة لتمكين البنوك من تحقيق أوضاع مالية متينة. وأشاد بدعم الحكومة الفرنسية فى هذه اللحظات التاريخية والمساهمة في إصلاح القطاع الاقتصادي والسياسي، مؤكداً أن السودان أجرى إصلاحات اقتصادية يجري إكمالها وأن هناك الكثير مما يجب فعله في إطار مسيرة الإصلاحات التي بدأت.
بقيمة 700 مليون
مدير بنك الصادر الإفريقي بنديك أوراما اثنى على جهود الحكومة في عملية الإصلاحات الاقتصادية والسياسية من أجل إعادة بناء السودان ووصفها بالجهود المهمة للقارة الإفريقية، مشيراً إلى أن البنك قدم مليار دولار كمساهمات ومساعدات للسودان مؤكداً وقوف البنك إلى جانب السودان من أجل إعادة عملية البناء.
وأشار إلى أن القارة الإفريقية تشهد تغييرات اقتصادية كبيرة من خلال قيام وحدات اقتصادية وتجارية ضخمة من بينها منطقة السوق الإفريقية الحرة التي وقع السودان على إنشائها باعتبارها خطوة ستنمي عملية الربط التجاري والترابط والعبور لتجارة الحدود لكافة القارة الإفريقية.
ولفت إلى أن بنك الصادر سيقدم كافة أنواع الدعم للسودان حتى يتمكن من جذب الاستثمارات العالمية والنهوض بأوضاعه.
وقال إن السودان تلقى قرضاً بقيمة 700 مليون دولار لدعم الاقتصاد والوصول إلى مرحلة الاقتصاد الرقمي بخطى قوية تمكنه من الإسهام في إعداد الإحصاءات مشيراً إلى أن هذه الفرصة لازالت متاحة بالنسبة للسودان حتى يتمكن من إصلاح كافة البنيات الهشة لتتمكن من استيعاب المتغيرات الاقتصادية التي يمر بها السودان والقارة الإفريقية.
النقد الدولي
وكان حضوراً أيضاً بالمؤتمر الصندوق النقد الدولي بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وقد أشاد المدير التنفيذي له جهاد أزعور بالإصلاحات الاقتصادية التي تمت بالسودان والمتعلقة بخفض الدعم لإزالة التشوهات الاقتصادية التي عانى منها الشعب السوداني.
وأشار إلى التطورات التي حدثت في النواحي السياسية والقرارات المتعلقة بالتحسينات المالية، وأكد على أهمية بذل المزيد من الجهود لاتخاذ خطوات مكملة لخفض الدعم وإزالة التشوهات ومواصلة السياسات بدعم الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص وإصلاح قانون الاستثمار لخلق بيئة جاذبة إضافة إلى الجهود المتعلقة بالتحولات المصرفية.
غرفة التجارة
واستعرضت رئيس غرفة التجارة الأوروبية في السودان السيدة عابدة المهدي لدى مخاطبتها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إمكانات السودان الكبيرة مشيرة إلى المساحات الشاسعة والثروة الحيوانية إلى جانب الموارد المائية وفرص تجارة الحدود.وقالت إن القطاع الخاص في السودان مفتوح لقطاع الأعمال واغتنام الفرص.
وتعرضت المهدي للتحديات الماثلة في السودان والمتمثلة في تهيئة الاقتصاد الكلي والجزئي والبيئة الاستثمارية.
وأشارت إلى أن الإصلاحات التي أجرتها الحكومة الانتقالية تسير في الاتجاه المطلوب وأنه لزيادة فاعلية هذه الإصلاحات لا بد من تعزيز الإجراءات الحمائية لهذه الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخراً وتسهيل بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات وإزالة الحواجز إلى جانب إجازة قوانين تحسين بيئة الأعمال.
وأضافت أن هناك حاجة لتحسين البنية التحتية بما يشمل المطارات والسكك الحديدية والموانئ وأن هناك فرصة لتعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص في هذا المجال.
واستعرضت رئيس الغرفة الفرص المتاحة في مجال الزراعة وزيادة الإنتاجية وتبني تقنيات تعزز من ذلك مناشدة الشركات بالاستفادة من الفرص المتاحة في هذا المجال والإسهام في تنمية وتعزيز قدرات الريف.
وتناولت دور الغرفة الأوروبية من أجل تعزيز المصالح الاقتصادية بين أوربا والسودان والشركات الأوربية وخلق فرص وبيئة مناسبة للربط بين جهات الأعمال.
صحيفة السوداني