أخبار السودان :
كمال الجزولى اختلفوا حولوه والكل نعاه
في اوضاع صعبة تمر بها بلادنا ، وفي وقت هي احوج ما تكون فيه الى مثقفيها ان يعملوا معا من اجل انتشال أهلهم من هذا المأزق الذي وقعوا فيه ، في هذه الظروف السيئة بالغة التعقيد نعي الناعي رحيل المثقف والاديب والقانوني الكبير الاستاذ كمال الجزولى ، الذي وافته المنية مهاجرا بعد ان حل بالبلاد ما حل ، وقد تناقلت العديد من المواقع والصفحات خبر الرحيل يكسوها الحزن على غياب هذه القامة السامقة ، ولكنها ارادة الله ، وهو يقضي ما يريد ، وليس للناس الا التسليم.
كمال الجزولى ام درماني المولد والنشأة والدراسة ، نال دراسته الجامعية في اوكرانيا وعاد كادرا يساريا ملتزما بالعمل في هياكل الحزب الشيوعي وتدرج فيها وتولي مسؤوليات تنظيمية مهمة ولم يشغله ذلك عن اهتمامه الثقافي ونشاطه الادبي.
رحل الرجل والناس حوله مختلفون ، فمنهم من يراه احد كبار المساندين لديكتاتورية نميري والمنظرين لها ايام اشتراكية الرئيس ، لكن اخرين حاولوا الاعتذار عنه باعتباره قد تجاوز هذه المرحلة التي عاشها في شبابه ، ولما نضجت تجربته الثقافية والفكرية والسياسية ناصر حقوق المظلومين ، وترفع عن الأطر التنظيمية الضيقة ، واصبح مدافعا عن الحقوق متصديا لغلواء التطرف ، ويستشهد البعض بموقفه الداعم للكاتب والناقد المسرحي السر السيد في خلافه مع الدكتور محمد وقيع الله الذي اتهمه بالالحاد ، ورغم ان طرفي النزاع اسلاميان وهما معا ضد الجزولى فكريا الا انه وقف مع الاستاذ السر السيد وانتصر له وتولى قضيته ليترافع عنه امام المحكمة.
احد القراء نعي الاستاذ كمال الجزولى لكنه اراد ان يوضح موقفه بجلاء من الرجل فقال ان كمال الجزولي دعم
دكتاتورية مايو في شقها اللينيني المتطرف ، وقد تابعه الناس وهو يدعو نميري لقتل الجميع في هتافية لاتشبه العدالة والدفاع عن الحقوق ورفض الظلم ،وهي الشعارات التي يرفعها الجزولى ، لكنه بكل اسف لم يلتزم بها.
ونعاه الباشمهندس عمر الدقير بكلمات جميلة جاء فيها :
بجانب انحيازه لحقِّ شعبه في الحرية والعدالة الاجتماعية، كان الفقيد منحازاً لفكرة العدالة الانتقالية ومأخوذاً بنبل كلمات نيلسون مانديلا الشهيرة التي وصف بها لحظة خروجه من السجن: “بينما كنت أخطو إلى خارج زنزانتي، نحو البوابة التي ستقودني إلى الحرية، أدركت أنني لو لم أترك مراراتي خلفي فإنني سأظل سجيناً للأبد”، وتبعاً لذلك كتب وحاضَر – قبل الثورة وبعدها – عن ضرورة إطلاق عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية لإنصاف الضحايا ومداواة الجراح، والقطيعة النهائية مع إرث الماضي المثقل بالظلم والمرارات وتَجاوُزِهِ نحو مستقبلٍ واعدٍ بالأحسن في وطنٍ للجميع.
سليمان منصور