صراع اللجنة الفنية والمجلس المركزي*** عقدت اللجنة الفنية لمبادرة القوى السياسية لإصلاح قوى الحرية والتغيير مؤتمرا صحفيا يوم الثلاثاء الماضي، غطى على المؤتمر الصحفي خطاب رئيس الوزراء الذي جاء في نفس اليوم، بيد أن المؤتمر الصحفي كان مهما جدا وحوى كثيرا من النقاط الجوهرية مثل قيام المؤتمر التأسيسي لقحت والذي قد يغير من الواقع السياسي المضطرب ويعالج الضعف والخوار الذي ضرب قوى الحرية والتغيير وحولها لمجرد قوى باصمة، تبصم على ما يقرره مجلس السيادة المسيطر عليه عسكريا ومجلس الوزراء المشتت، خاصة وأن المؤتمر التأسيسي سيعيد قحت إلى نقطة التأسيس ويضم إليها جميع القوى الثورية مثل لجان المقاومة وشباب الثورة وهما الآن من المبعدين، ومعلوم أن دخول هؤلاء إلى قحت سيجعل من قحت قوة قائمة بذاتها لا تبصم للعسكر ولا (تملس) لهم، وهو ما لا يريده المجلس المركزي ولا أصدقائهم العسكر.
صراع اللجنة الفنية والمجلس المركزي*** اللجنة الفنية لمبادرة القوى السياسية في قيادتها أحزاب الأمة القومي والاتحادي الموحد والبعث بقيادة الحسين ومحمد وداعة، بينما المجلس المركزي لقحت بقيادة احزاب المؤتمر السوداني وحزب البعث بقيادة السنهوري والاتحادي المعارض. النقطة الجوهرية في المؤتمر الصحفي للجنة الفنية كانت هي إجماع جميع الأحزاب المشاركة فيه على الوحدة، والمحافظة عليها، وعدم جر البلاد إلى مزيد من التمزيق، وهي بادرة حسنة ولكنها صعبة التحقق اذا استمر هذا الصراع وتمترس كل طرف في جهته.
الصراع داخل الحرية والتغيير يتمحور حول القيادة، الوضع الراهن لا توجد فيه قيادة محددة لقحت، وإنما هناك مجلس مركزي افقي غير مفهوم كيف يدير سلطة قحت، ويعتمد الممثلين داخله على قربهم او بعدهم من القوى الاخرى، وخاصة العسكر وحمدوك، العلاقات والتناغم بين ثلاثي أحزاب المجلس المركزي والعسكر في السيادي، جعلهم أكثر قدرة على إدارة ملفات الحرية والتغيير واصبحوا كالمختطفين لقحت نتيجة لعلاقاتهم مع العسكر ولطبيعة القيادة الأفقية لقحت التي لا تجبرهم على الرجوع إلى قيادة رأسية واحدة يكون لديها القرار النهائي. الشكل الأفقي لقحت جعلها أضعف حلقات الحكومة الانتقالية، بينما كان المفترض أن تكون الحلقة الأقوى والذراع الطويلة، وقد انتقلت تلقائيا القوة المفترض وجودها في قحت نتيجة فراغها القيادي إلى العسكر الذين صنعوا من فسيخ مجلس السيادة شربات وتربعوا على الحكم بالطول والعرض.
صراع اللجنة الفنية والمجلس المركزي*** الأحزاب الثلاثة استمرأت هذا الوضع الأفقي الذي يجعلها في موضع قيادي وفي مأمن من اوزان أحزاب أخرى ومنظمات ثورية، لذلك أصبحت تسوف في قضايا إصلاح قحت وتدور وتدور معتمدة على إضاعة الزمن وظهور أحداث جديدة، دون أن تهتم بأن هذا أصبح سببا في ضعف قحت وهوانها وأنفصالها عن الشارع وبعدها عن نبض الجماهير، وهذه احدي عيوب الأحزاب السياسية السودانية المزمنة، التشبث بالسلطة الإسمية والفرح بالهيمنة الافتراضية، والحقيقة لا يمكن لوم هذه الأحزاب، فهي لم تكن تحلم أن تصل إلى موقع سلطة كالذي هي فيه الان في ظل وجود أحزاب أعرق منها وأكبر وزنا وجماهيرية، والجميع يعلم أن العمل المعارض كان طرفيه الإجماع بقيادة الشيوعي ونداء السودان بقيادة الأمة والبقية تأتي، الآن الشيوعي في المعارضة والأمة بعد تجميد عضويته في قحت أصبح بعيدا عن المطبخ المباشر، فإغتنم الثلاثي الفرصة وأنطلقوا، ولكنه كان انطلاقا كارثيا نتيجته المباشرة هذا الضعف الذي حول قحت إلى مجرد ديكور للعسكر في السلطة، وهو وضع يمكن إصلاحه عبر مبادرة القوى السياسية لو نجحت هذه المبادرة في عقد المؤتمر التأسيسي وأعادت تأسيس قحت ونظمتها وهيكلتها واضافت اليها القوى الثورية.