أشرف الرئيس التونسي قيس سعيّد، الاثنين، على مراسم أداء اليمين لأعضاء مجالس القضاء المؤقتة، فيما عبر قضاة عن رفضهم لهذه الخطوة مؤكدين تمسكهم بالمجلس الأصلي.
وفي 12 شباط/ فبراير الجاري، أصدر سعيّد أمرا رئاسيا يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء واستخلافه بآخر مؤقت، وتمكين الرئيس من حق تعيين وعزل وترقية ومعاقبة القضاة، ما أثار احتجاجات ورفضا من هيئات قضائية وقوى سياسية عديدة.
والمجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة دستورية تونسية، أقرها دستور 2014، تضمن في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء، واستقلالية السلطة القضائية، ومحاسبة القضاة، ومنحهم الترقيات المهنية، طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها، فيما دارت أول انتخابات للمجلس في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2016.
وفي بيان الاثنين، قالت الرئاسة التونسية إن سعيّد أصدر أمرا رئاسيا بتسمية أعضاء المجالس المؤقتة للقضاء، مشيرة إلى أنه أشرف على أداء اليمين من قبل أعضاء المجالس المؤقتة للقضاء العدلي والإداري والمالي.
“بناء فوضوي”
وفي تصريح لـ”عربي21″، عبر رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المستوري عن رفضه لقرار تنصيب مجلس مؤقت للقضاء معتبرا أنه “بناء فوضوي ليس مبنيا على أي أساس قانوني ولن يدوم”.
وأشار إلى أن أداء اليمين من قبل أعضاء المجلس معيب لغياب دستور، موضحا أن “سعيّد قام بتعيين قضاة متقاعدين منذ زمن وليس لهم علاقة بالقضاء، وبعض الوجوه التي اشتغلت في عهد الاستبداد”.
واعتبر مراد المستوري أن تنصيب مجلس مؤقت يتكون من قضاة متقاعدين “سطو على أحلام القضاة الشبان في أن يكون لهم سلطة قضائية مستقلة وقوية، باعتبار أن كل أعضاء المجلس وقع تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية”.
وأضاف: “سعيّد اختار القضاة الذين يتناسبون مع سياسته، وسيفرض توجهاته وينتقم من معارضيه والسيطرة على الإعلام وحل الجمعيات والأحزاب عن طريق القضاء”.
وتابع: “نحن نعتبر هؤلاء الأشخاص مجرمون باعتبارهم أنهم شاركوا في قلب هيئة الدولة وانقلبوا على الشرعية باعتبار أن المجلس الأعلى للقضاء منتخب وهو مازال موجودا، والمجلس المؤقت هو مجلس موزاي”.
وأكد القاضي المستوري: “لدينا قرار رسمي برفض المجلس المؤقت، لا يوجد أي قاضي سيتعامل معه، حتى النقابة التي رحبت بالمجلس المؤقت تؤكد شراء ذمتها”.
بدوره، عبر الرئيس الشرفي لجمعية القضاة التونسيين أحمد الرحموني عن رفضه تنصيب مجلس مؤقت للقضاء، معتبرا أن هذا هذه الخطوة خاجرة عن الدستور والقانون.
وفي تدوين عبر حسابه بـ”فيسبوك”، قال الرحوني: “قيس سعّيد يمضي في تنصيب مجلس مؤقت لإدارة القضاء خارج أية مشروعية دستورية وقانونية وينخرط في مشروعه عدد من القضاة المباشرين والمتقاعدين”.
وكان سعيّد قد اختار الرئيس الأول لمحكمة التعقيب لرئاسة مجلس القضاء المؤقت، فيما ينوبه كل من الرئيس الأول للمحكمة الإدارية ورئيس محكمة المحاسبات، وبحسب المرسوم عدد 11 المثير للجدل فإنه يجب على كل مجلس مؤقت قطاعي أن يختار ثلاثة قضاة متقاعدين ويحسم رئيس الجمهورية الأمر ويعيّن هؤلاء سواء من بين الأسماء المقترحة أو من خارجها.
وأثار القرار قلق المجتمع الدولي، حيث اعتبرت الأمم المتحدة قرار سعيّد تقويضا خطيرا لسيادة القانون. كما حث ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة الرئيس التونسي على التراجع عن مساره.
وقال دوجاريك إنه يشارك مفوضة حقوق الإنسان ميشيل باشليه القلق نفسه من هذه الخطوة.
وكانت باشليه قالت الثلاثاء إن “هذه خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ”، وأضافت أن قرار سعيّد “خرق واضح لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية إن تحركات الرئيس التونسي لحل المجلس الأعلى للقضاء تشكل “تهديدا خطيرا لحقوق الإنسان في تونس”.
ودعت المنظمة الرئيس سعيّد إلى التراجع عن خطط حل المجلس “والكف عن التصرفات التي تهدد استقلالية القضاء”.
وفي وقت سابق، أعرب سفراء دول مجموعة السبع الغنية لدى تونس ومبعوث الاتحاد الأوروبي -في بيان مشترك- عن “القلق البالغ” إزاء القرار.
وقال سفراء الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والاتحاد الأوروبي -في بيانهم- إن “القضاء الشفاف والمستقل والفعال وفصل السلطات أمران أساسيان لديمقراطية فاعلة تخدم شعبها”.
المصدر: عربي21