أخبار السودان:
يبدو أن التهديدات العديدة التي كانت تواجه عضو لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وجدي صالح قد بدأت اشراطها تلوح بشكل عملي فقد اصدرت اللجنة بياناً قالت فيه « ان ثلاث عربات ماركة بوكس تايوتا دون لوحات على متنها عدد من الأشخاص الملثمين توقفت امس الأول بالقرب من منزل عضو اللجنة الأستاذ وجدي صالح» .
وأشارت إلى أن أطقم الحراسة الموجودة بمنزل الأستاذ وجدي صالح ارتابت في وجود وحركة تلك السيارات وحينما توجه بعض أفرادها صوبها غادرت مسرعة مبتعدة عن طريق الأسفلت وفرت باستخدام الطرق الداخلية الترابية.
تربصوا بعضو لجنة التمكين
وأوضحت اللجنة أن مجمل الأحداث المتصاعدة في الأيام الماضية تؤكد جنوح النظام المباد وكوادره صوب ممارسة الإرهاب وزعزعة الاستقرار بخلق تفلتات أمنية باتت مكشوفة ومعلومةٍ وخلصت إلى أن ذلك يتطلب تصنيف كل أنشطة وممارسات حزب المؤتمر الوطني المحلول كأنشطة إرهابية وتصنيف المؤتمر الوطني المحلول كتنظيم إرهابي وإصدار أوامر القبض تجاه قادته الموجودين بالخارج ومحاكمتهم .
واضافت قائلة «ما يحدث حالياً هو أمر يتجاوز الأطر القانونية وبات يمثل تهديداً للأمن القومي للبلاد ويهدد استقرارها الأمر الذي يتطلب موقفاً واضحاً وحاسماً من الاجهزة النظامية والامنية تجاه هذه الانشطة الارهابية وبترها قبل تصاعدها».
ما بين (الإنقاذ) وديسمبر
والحدث يعيد إلى الأذهان عمليات الارهاب والاعتداءات في النظام البائد، وابرزها حادث الاعتداء على الاستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة (التيار) في التاسع عشر من يوليو 2014 عندما اقتحم ملثمون مبنى الصحيفة وقاموا بالاعتداء على رئيس التحرير الاستاذ عثمان ميرغني مستخدمين اعقاب البنادق الرشاشة و قاموا بضرب بعض الصحفيين الذين حاولوا الدفاع عنه ونقل الاستاذ ميرغني على اثرها إلى المستشفى بعد أن تعرض إلى عدد من الاصابات من بينها إصابة في احدى عينيه، وقال شهود عيان إن القوة المهاجمة قامت بمصادرة الهواتف المحمولة من الصحفيين والحواسيب لدى العاملين بالصحيفة.
وكان عثمان ميرغني قد دخل في مساجلات بشأن التطبيع مع إسرائيل عبر برنامج تلفزيوني وعلى زاويته المشهورة «حديث المدينة» في صحيفة «التيار».
ورد ميرغنى على منتقديه بان الحلقة التلفزيونية جرى تسجيلها قبل نحو ثلاثة اسابيع لكنها بثت فى توقيت وصفه بالغريب بالتزامن مع الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة، مبدياً قناعته الشديدة بما طرحه.
بيد أن عدداً من المراقبين يذهبون إلى أن قضية التطبيع لم تكن هي السبب الحقيقي في عملية الاعتداء من قبل اجهزة السلطة بل كانت مجرد مسوغ للاعتداء على الاستاذ ميرغني الذي اتسمت اراؤه بالجرأة في نقد سياسات النظام آنذاك .
وفي نفس الحقبة القابضة من النظام الاستبدادي البائد 26 أبريل 2015 اعتدى مجهولون على الصحفي والناشر السوداني علي حمدان، وقال علي حمدان للجزيرة نت إن ملثمين هاجموه أمام منزله مساءً في ضاحية المنشية شرق الخرطوم مما ألحق به إصابات استدعت إجراء عملية عاجلة له، حيث ضربه أحدهم على رأسه وحاول ثان طعنه بسكين، بينما كان آخران يراقبان المنطقة، مؤكداً أن مقاومته دفعت الأربعة إلى الفرار في سيارة كانت تنتظرهم
ونفى حمدان معرفته بالجناة قائلاً إنهم مجهولون، لكنه أشار إلى تلقيه «تهديدات ومساومات مالية» كي يتخلى عن كتاباته حول «الفساد». وذكر أن «محاولة اغتياله» هي الثانية بعدما تعرض من قبل لمحاولة من مجموعة ملثمة قيّد البلاغ فيها ضد مجهول.
وأشار بان نحو 40 بلاغاً تم فتحها في مواجهته شطب بعضها بينما لا يزال بعضها الآخر أمام المحكمة التي أصبحت صديقاً دائماً لها».
وإبان انتفاضة ثورة ديسمبر ما قبل سقوط النظام كانت هناك قوات تابعة للنظام بعضها نسبت للأمن الشعبي وأخرى للأمن الطلاب كانت ملثمة وتمتطي عربات بوكس وتتخذ عادة مكاتب داخل الجامعات وتقوم بضرب المتظاهرين والطلاب وبحسب أحد الشباب الذين تم اعتقالهم من شارع السيد عبد الرحمن بالخرطوم خلال موكب 17 يناير، وقال عمر هاشم، لـ “دارفور 24” إن مجموعة من الملثمين استخدموا سيارة مكشوفة اعترضت طريقه حينما كان يسير لوحده وقبل انطلاقة الموكب، وبعد ان أجبرته على الركوب في السيارة التي كانت مليئة بشباب آخرين جرى اعتقالهم من الشارع، ذهبوا بهم إلى مكاتب داخل جامعة السودان المجمع الغربي، واحتجزهم هنالك لأكثر من اثنتي عشرة ساعة، قضوها تحت التحقيق، لكنه أطلق سراحه لاحقاً بعدما تبين لها أنه الشخص الخطأ فيما لا يعرف مصير الآخرين الذي كانوا معه في الاحتجاز.
إرهاب ما بعد الثورة
وبعد سقوط نظام المؤتمر الوطني وبعد فض الاعتصام قام شباب الثورة بالعديد من التظاهرات الصاخبة نهاراً وليلاً ووثقت كاميرات الهواتف المحمولة لبعض الناشطين والثوار عناصر ملثمة تحمل الهروات وتقوم باعتداء على المتظاهرين الذين يتم اعتقالهم، غير أن تلك المشاهد القاتمة زالت بعد توقيع الوثيقة الدستورية وتكوين الحكومة المدنية، لكن هناك استخدام مفرط للقوة إزاء المتظاهرين في بعض مناطق الاحتجاجات وحدثت على اثرها خسائر في الارواح وبعض الاصابات .
أخيراً
يبدو من استعراض سيناريو الاحداث ما بين حقبتي نظام البشير البائد وثورة ديسمبر ثمة تلاقي في حدوث بعض التجاوزات التي حدثت لكن هناك تقاطعات كبيرة باعتبار أن البلاد تعيش مرحلة سيادة القانون ومحمية من شباب الثورة الذين قاموا بإشعالها قبل عامين، وأن بعض التجاوزات التي حدثت كان هناك رد فعل إيجابي من السلطة تجاهها وإن كان بعضها لم يصل إلى ما هو مطلوب وهو أمر يتطلب قيام المؤسسة الرقابية البرلمان الذي من شأنه أن يحرس التجربة الديمقراطية ويصون الحريات وحقوق الانسان ويحقق العدالة دون محاباة .
تقرير: أحمد طه صديق
الانتباهة