أخبار السودان :
تمرد تكساس يهدد الوحدة الامريكية
تحدثنا في مقالنا السابق وفي هذه المساحة عن خطر يتهدد أمريكا بالتفكك ويجعل من وحدتها عرضة للاهتزاز خاصة مع تفجر المشاكل بين الولاية والعاصمة الفيدرالية واشنطون التى لم تتعود علي الطريقة التي تتعامل بها تكساس والتي تشكل جرأة يمكن ان تدفع ولايات أخرى وتجعلها تواجه المركز رافعة مطالب متشددة في طرق معالجتها.
وقد راجت انباء في الداخل الامريكي وبالخارج تتحدث عن إمكانية تلقي تكساس تاييدا روسيا في حراكها ودفعها لتؤزم المركز في واشنطون.
ويري مؤيدو هذه الفرضية (صلة الروس بتمرد تكساس) ان الشي المؤكد ان خصوم الولايات المتحدة ومنافسيها في الحلبة الدولية يتابعون تلك التطورات عن كثب، لا من قبيل الرفاهية الفكرية، أو الولع بـ”طريقة الحياة الأميركية”، على طريقة من يشعرون بالدونية إزاءها، بل لانعكاساتها على ميزان القوى في زمن التحول من الأحادية إلى التعددية القطبية عالمياً.
ويقولون ان روسيا تنسج علاقة مباشرة بأكبر حركة انفصالية في تكساس، وهي “حركة تكساس القومية”، بحسب تقارير شتى في وسائل الإعلام الأميركية، فموقع
بوليتيكو مثلا نشر مقالا في 22/6/2015 تحت عنوان “مؤامرة بوتين لجعل تكساس تنفصل” متحدثا عن مشاركة “وزير خارجية” حركة تكساس الانفصالية في مؤتمر في سان بطرسبرغ، والحفاوة التي لقيها ولقيتها هناك دعوته إلى انفصال ولاية تكساس.
وبثت قناة ABC News تقريرا في 27/9/2016 عن مشاركة ممثلي حركات انفصالية من ولايات تكساس وكاليفورنيا وهاواي الأميركية في مؤتمر مناهض للعولمة في فندق الـ”ريتز” في موسكو.
ونشرت القناة تقريرا عن مقابلة دانيال ميلر، رئيس “حركة تكساس القومية”، في مجلة “ذا أتلانتيك”، عدد يسمبر 2019، والتي أعرب فيها عن “ندمه على تلقي حركته أموالاً من روسيا للمشاركة في مؤتمر عن الانفصال ومناهضة العولمة هناك”، مضيفاً أن المؤتمر ذاته كان مضيعة للوقت، لكنّ “حركته تشارك روسيا موقفها من النفاق الأميركي… إذ إن الولايات المتحدة خرجت وروجت، أحياناً عبر استخدام القوة، حق تقرير المصير.
وقال دعونا نرَى إذاً مدى استعداد الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة الأميركية لمطابقة أفعالها مع خطابها، الذي تشدقت فيه خلال الأعوام الـ 70 الأخيرة في السياسة الخارجية”، قاصداً بذلك مطلب استقلال تكساس طبعاً.
واضاف لا نتحدث عن حركة صغيرة أو هامشية هنا، إذ يزعم رئيسها ميلر أن لدى حركته الانفصالية 600 ألف نصير في ولاية تكساس، كما أنها حركة تأسست رسمياً عام 2005، استناداً إلى تراث النزعة الانفصالية في الولاية.
وتقوم استراتيجية الحركة على تبني تكتيكات جين شارب اللاعنفية، والتي فعلت فعلها فيما يسمى “الربيع العربي” وغيره، بحسب تقرير “ذا أتلانتيك” ذاته أيضاً، من أجل إجراء استفتاء يتيح خروج تكساس من الاتحاد الفيدرالي. لذلك، صيغت كلمة “تكسيت” Texit، أي خروج تكساس من الاتحاد الفيدرالي، على وزن كلمة “بركسيت” Brexit، أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، وأصبحت نداء الحركة.
ولا يهم كثيراً، كما سنرى، إذا كانت مزاعم دانيال ميلر، قائد “حركة تكساس القومية”، صحيحةً بشأن عدد أنصاره في تكساس. كما لا يجوز الافتراض أن حركة انفصال الولاية مجرد أداة طيعة لموسكو، إذ إننا نتحدث هنا عن حركة انفصالية قوية في ولاية ضخمة تبلغ مساحتها نحو 696 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها نحو 30 مليوناً، وناتجها الإجمالي، بحسب إحصاءات 2023، نحو 2.5 ترليون دولار أميركي، أي أن اقتصاد تكساس وحدها أكبر من اقتصادات كل من إيطاليا أو البرازيل أو كندا منفردة.
من جهة اخرى يثار تساول عن سياسة الحزب الجمهوري في تكساس وهل تبني فرعه فيها النزعة الانفصالية؟
ويقال ان النزعة الانفصالية تنتشر في تكساس، وهي لا تقتصر على المنتسبين إلى “حركة تكساس القومية”، إذ وجدت حاضنة دافئة لها في الحزب الجمهوري في الولاية، والذي يتحدر منه حاكمها غريغ آبوت، رأس حربة الصراع مع واشنطن مؤخراً على صلاحية السيطرة على الولاية، ورأس حربة الصراع مع إدارة أوباما عندما كان مدعياً عاماً للولاية.
هذه لمحة عن واقع معقد تعيشه تكساس في صراعها مع المركز ويتخوف البعض من تاثيره المحتمل والكبير على الوحدة الأمريكية ككل.
سليمان منصور