تنتشر لدى الكثيرين صورة خيالية ومبالغ فيها عن التنويم المغناطيسي، والكثير من المفاهيم الخاطئة والأساطير حول هذا الموضوع وتطبيقاته في العلاج النفسي، أو سوء فهم لموضوع كيف يحدث التنويم المغناطيسي بالضبط.
كما روّجت الأفلام والمسلسلات لفكرة خاطئة عن قدرات الأشخاص الذين يقومون بالتنويم المغناطيسي، التي قد تصل لحد الخرافة أحياناً، ورسخت فكرة امتلاك بعضهم قدرات خارقة تمكنهم من التحكم الكامل بالآخرين، والسيطرة على وعيهم.
لكن العديد من الدراسات العلمية المثبتة حوله والعلاج به، تنفي الكثير من تلك التصورات وتشرح بشكل أفضل ما هي حقيقة التنويم المغناطيسي بمعلومات واضحة ودقيقة.
كيف يحدث التنويم المغناطيسي بالضبط؟
يقول الدكتور ديفيد شبيجل، الطبيب النفسي بجامعة ستانفورد وباحث رئيسي في التنويم المغناطيسي: ” يخلق “تجربة غامرة غير قضائية”، وتم استخدامه بأشكال مختلفة لعدة قرون، ولكن الجراح الاسكتلندي، الدكتور جيمس برايد، عام 1843 قد أشاع مصطلح “التنويم المغناطيسي”.
كان الاكتشاف المركزي لبرايد هو أن التركيز يمكن أن يوجه الدماغ نحو حالة أكثر قابلية للإيحاء، مثيراً للجدل ولا يزال. يقول شبيجل إن الأطباء استمروا في اختبار هذه التقنية وتعليمها على مر القرون بنجاح كبير.
اليوم ، يقوم طبيب نفساني أو طبيب نفسي أو أخصائي رعاية صحية آخر معتمد في العلاج بالتنويم المغناطيسي أولاً بفحص المريض المحتمل، من حيث قدرته على التنويم المغناطيسي باستخدام مقياس قابلية التحقق من صحته.
سيتحدث المعالج معه حول نوع التجارب الحسية التي تجعله يشعر بالأمان، مثل ملاذ على شاطئ البحيرة، أو إجازة على الشاطئ. بعد ذلك، سوف يستحضر معالج التنويم الإيحائي تلك الصور مع التركيز، على سبيل المثال، على رذاذ الملح في المحيط، وطيور النورس التي تنادي فوق الرأس، والجلد الذي تتقبله الشمس لمساعدة الشخص على التعمق في التخيل المهدئ.
إذا تم القيام به بشكل صحيح، فسوف يبدو وكأن المريض انفصل عن الواقع، ودخل عالماً آخر داخل عقله. ويصبح أكثر انفتاحاً على التجارب الجديدة، والتي يشير إليها المختصون ببساطة .
ولكن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة حول حقيقة ما يحدث، وما هي حقيقة التنويم المغناطيسي فعلاً، وهذه أشهر 5 خرافات عنه:
1- إذا خضعت للتنويم المغناطيسي، يمكن أن يتحكم الآخرون بذهني وتصرفاتي
يُعتقد أن الشخص الذي يخضع للتنويم المغناطيسي يُظهر “طاعة عمياء”، وينفذ ما يقترحه المنوم .
لكن على عكس، الفكرة التي تنشرها وسائل الإعلام بأنه يمكن استخدام التنويم المغناطيسي للسيطرة على شخص ما، لا يفقد الأفراد السيطرة على أفعالهم أثناء في الواقع، يمكن لأي شخص مقاومة وحتى معارضة اقتراحات التنويم.
تعتمد خبرتهم في التحكم أثناء التنويم على نواياهم وتوقعاتهم، فيما يتعلق بما إذا كانوا يحتفظون بالسيطرة أم لا.
أما ما يقوم به البعض مثل النباح مثل الكلب، أو المشي مثل البطة، فيعتمد هذا الأمر على المرحلة وخيال هوليوود. أما هؤلاء الذين يظهرون في التلفاز أو في العروض المسرحية، فهم بالحقيقة يتطوعون للعمل على المسرح، ويسمحون لأنفسهم بالمشاركة في تلك العروض. مع نيتهم في طاعة أوامر الشخص الذي يقوم بالتنويم .
2- باستخدامه يمكن استرجاع ذكريات مخفية من الماضي البعيد
غالباً ما تقدم البرامج التلفزيونية والأفلام قدرة الأشخاص على تذكر الذكريات الدقيقة للغاية من الماضي البعيد تحت التنويم المغناطيسي. لكن بحثاً قام به “جون بريل” من جامعة بينغهامتون يشير إلى وجهة نظر معاكسة.
عندما يتحقق الباحثون من دقة ذكريات دفينة أو من فترة الطفولة، يذكرها الأشخاص ويشرحون تفاصيلها أثناء الجلسة ، وجد الباحثون أن تلك التفاصيل غالباً ما تكون غير صحيحة.
بل حتى أولئك الذين يدّعون أنهم عاشوا حياة سابقة في شخصيات وعصور مختلفة، ويلجأون للتنويم المغناطيسي لتذكر تفاصيل عن حقبات قديمة عاشوا فيها، غالباً ما تكون معلوماتهم أثناء الجلسة غير صحيحة ومختلفة عن الأدلة التاريخية المثبتة، ومختلطة بمعتقداتهم وتصوراتهم ومعلوماتهم عن تلك الحقبة.
3- المعالجون بالتنويم المغناطيسي لهم صلاحيات خاصة
يُستخدم في علاج العديد من الحالات الصحية: الألم، والقلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة ( PTSD )، ومتلازمة القولون العصبي، والسمنة، والحالات النفسية وغيرها. وغالباً ما يُستخدم كعامل مساعد لتقنيات أخرى، مثل الأدوية والعلاج النفسي الديناميكي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي.
لكن “المنوم” هو شخص عادي يأكل وينام ويشعر بالسعادة والحزن، ويفقد مفاتيح سيارته. لا يوجد شيء خاص أو سحري لديه على الإطلاق. ولكنه شخص حصل على تدريب، وشحذ هذا التدريب بالخبرة، للمساعدة في توجيه الناس إلى حالته.
قد يلعب المنومون على المسرح على “قوى منومة” من أجل إضافة الإثارة والدراما إلى عروضهم ، لكنهم أيضاً سيعترفون بسهولة أنهم يستخدمون ببساطة التقنيات التي تم تعلمها وتطويرها بالممارسة والخبرة.
4- يمكن أن تكشف أعمق أسرارك عندما تكون تحت تأثيره
في أي جلسة أنت لا تفقد السيطرة على عقلك ونفسك، إنما أنت تسمح لنفسك بأن تكون تحت سيطرة الإيحاء النفسي بقدر ما تريد.
ونظراً لأن عقلك مدرك تماماً وقد يكون مستيقظاً أثناء الجلسة ، فإذا كنت لا تريد التحدث عن شيء ما، فأنت لن تفعل ذلك. يمكن لأي شخص أن يكذب بسهولة، ويكون على الأرجح أكثر إبداعاً في معرفة الحقيقة عندما يكون في حالة “نشوة مغناطيسية”، وهذا هو السبب في أن المحاكم لا تقبل شهادة الشهود الذين هم في حالة .
5- أثناء التنويم المغناطيسي، سأفقد كل إحساس بمحيطي، ولن يكون لديّ ذاكرة للجلسة
هو ليس حالة نوم غير واعية. في الواقع، أفاد معظم الناس بأن لديهم شعوراً متزايداً بالوعي والتركيز، ويمكن أن يسمعوا بشكل أكثر حدة أثناء الجلسة.
المصدر : عربي بوست
أخبار السودان :