الاحزاب دون قامة الثورة و تضحيات الثوار
على طول السنوات الماضية ظلت الأحزاب السودانية متأخرة بمراحل عن نبض الشارع ، وبعيدة بشكل كبير عن تطلعات الجماهير وامالها واحلامها ، والأمنيات فى وطن تسوده الحرية ، وتحكمه العدالة ، ويستظل براية الديموقراطية ، والحكم الراشد. ومنذ الاستقلال واحزابنا عاجزة عن عمل ما يلزم لترجمة جهود الاباء المؤسسين ، الذين ناضلوا من أجل طرد المستعمر ، وصنع وطن سليم معافى ينهض به بنوه ، ولكن وبكل اسف هاهى السنوات تمضى بالعشرات منذ جلاء الاستعمار ونحن نعيش فشل احزابنا وعدم مقدرتها على فعل شيئ ، ونلحظ ابتعاد الشباب عن هذه الأحزاب ورغبتهم فى ازاحتها عن المشهد ، بل كفر بعضهم بها بشكل كامل ، واعتبارها جزء من المشكلة التى اقعدت الوطن وحالت بينه وبين النهوض.
لا شك أن مشاكل كبيرة تعانى منها احزابنا ، وهى ان تفاوتت فى درجات هذه المشاكل لكنها جميعها ليست بمناى عن أمراض لايمكن دون علاجها فعل عمل ايجابى ، فمن احزابنا من لم تعرف فى تاريخها مؤتمرا عاما لها ، وفيها من تنعقد مؤتمراتها لكن على فترات متباعدة ، ودون انتظام فى الوقت او التزام بجدولة محددة ، وحتى هذه المؤتمرات على علاتها تبقى محلا للشك فيها مما يجعلها تحت دائرة المؤتمرات الصورية المخطط لنتائجها سلفا ، والمعدة مخرجاتها حتى قبل انعقادها اصلا ، مما يجعل قيامها من عدمه على حد سواء ، وبعض احزابنا بلا مؤسسات اصلا ، ولا موازنة واضحة لها ، فالزعيم والدائرة المقربة منه هم المتحكمون فى الحزب ، بل يتم تصحيح صدق انتماء الأعضاء بمدى مقبوليتهم عند الدائرة الضيقة المغلقة حول الزعيم ، وهؤلاء ليس بمقدور احد اختراق دائرتهم ، او حتى معرفة ما الذى يخططون له مع انهم كثيرا ما يتحدثون باسم الحزب وباوراقه الرسمية واختامه يصدرون بياناتهم ، ولم يكن هناك تفويض لهم بذلك مما يعد تعد كبير على المؤسسية ، وشمولية مغلفة بغلاف مدنى كاذب.
خرج الشباب واشعلوا الثورة ضد عبود ونميرى والبشير واسقطوا هذه الدكتاتوريات وفى كل مرة تسرق الأحزاب جهد الثوار وتقتطف ثمار الثورة ويرجع الثوار نادمين على تفريطهم ووقوعهم فى نفس الخطأ.
والان يتظاهرون بعشرات الالاف ضد البرهان ومجلسه الانقلابى ، ومع وجود أحزاب فى المشهد كما هو الأمر فى كل حالة الا ان صوت الرفض لها هذه المرة أعلى وأكثر وضوحا ، ويريد الثوار ان يقولوا للأحزاب وبوضوح كفى لعبا علينا وسرقة لجهودنا.
وقد تابع الناس قبل أيام (قبل وبعد مليونية الثلاثين من يونيو ) البيان الحاد الصادر عن الحزب الشيوعي السوداني ، ووجه الحزب انتقادا شديدا جدا لحزب الأمة وحزب المؤتمر السودانى واصفا اياهما بالمتامرين على الثورة والثوار وأنهم يسعون فى الخفاء للتوصل إلى اتفاق مع العسكر يضمن لهم الحصول على غنائم فى كيكة السلطة التى يعتزمون تقسيمها دون التفات لتضحيات الثوار ومعاناة الشعب .
حزب المؤتمر السودانى قال انه لن ينشغل باى معارك جانبية تصرفه عن الهم الأساس وهو إسقاط الانقلاب واعادة الحكم المدنى والخروج من الازمة المستحكمة التى تضرب البلد وتحول دون انطلاق الجميع الى البناء والتعمير
الثوار فى غالبهم يرون ان الأحزاب لاتهمهم فى شيئ ، وأنها بعيدة جدا عن الاهتمام بالشأن العام ، وفقط تشغلها مصالحها الخاصة ، وتسعى للغنيمة ، وتعمل دوما على اتخاذ الثورة والثوار مطية للوصول إلى مبتغاها ، وأنهم يدركون جيدا كم هى بعيدة جدا عن قامة الثورة وتضحيات الثوار.
سليمان منصور