عزلت المياه التي غمرت العشرات من مراكز الإيواء في كوستي بولاية النيل الأبيض النازحين عن مراكز الخدمات والمطابخ الجماعية، واعتمد النازحون على أنفسهم في تهيئة أماكن العيش والطبخ والنوم.
الأمطار الغزيرة التي ضربت كوستي مساء الإثنين كانت هي الأشد منذ سنوات طويلة. وقال النازحون إن المياه وصلت إلى ارتفاع قريب من طول المقاعد الخشبية والأمتعة داخل مراكز الإيواء.
وقال نجم الدين، من مراكز إيواء وسط كوستي، لـ”الترا سودان” إن الوضع تحول إلى مأساة بالكامل؛ إذ غمرت المياه الغرف والبرندات التي يقيم فيها مئات الأشخاص الذين فروا من المعارك العسكرية ووصلوا إلى هنا.
وأشار إلى أن الظروف الراهنة تُصعِّب الحصول على إمدادات الطعام والأدوية والمياه النظيفة، على الرغم من استمرار المتطوعين وبعض المنظمات في تقديم المساعدات اليومية. لكن الناس يشعرون بالعوز والحرمان من أساسيات الحياة، وهم محبطون من الأماكن التي لا تليق بهم وسط المياه.
ويوجد في كوستي 88 مركزًا للإيواء، وزادت نسبة النازحين عقب سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة نهاية العام الماضي، إلى جانب مدينة القطنية الواقعة في النيل الأبيض.
ومع التنبؤات الجوية بهطول أمطار غزيرة غير مسبوقة، حسب ومتتبعي أحوال الطقس، فإن المياه تهدد العشرات من مراكز الإيواء في مدينة كوستي يومي الخميس والجمعة.
ويرى نجم الدين أن الحكومة المحلية تتفرج على معاناة النازحين. ورغم محاولات سحب المياه، إلا أنه لا توجد كفاءة مطلوبة في عمل الأجهزة الحكومية لخدمة المواطنين، وجميعهم يفتقرون إلى الرؤية التي تساعد على حل الأزمات.
ووصف الوضع بالكارثي، وقال إن الأوبئة مثل الكوليرا والملاريا والتايفويد ستفتك بالمئات من النازحين في ظل انتشار المياه والاختلاط بالصرف الصحي وعدم توفر مراكز بديلة، لأن المياه ستكون على حالها لشهور قادمة.
وزاد قائلًا: “ينبغي أن يدرك الجميع أن الناس يواجهون المأساة الكاملة: الجوع والمرض ورغبة العودة إلى المنازل التي تسيطر عليها المليشيات. ورغم ذلك لا يوجد أمل أمامهم”.
ويوزع المتطوعون الغذاء على مراكز الإيواء في كوستي بشكل شبه يومي، فيما توفر منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والوطنية المساعدات بشكل منتظم للحصص الغذائية التي تساعد على استمرار المطابخ الجماعية.
عاملة إنسانية: معاناة النازحين في النيل الأبيض لا تجد اهتمامًا حكوميًا
ورغم ذلك، فإن الوضع الإنساني لا يزال يحتاج إلى مزيد من التدخل من خلال إعادة ترميم مراكز الإيواء، وبناء المرافق الصحية، وتوزيع معينات النوم للاحتماء من البعوض الناقل للملاريا، وفقًا لإنصاف، العاملة الإنسانية في النيل الأبيض.
وقالت إنصاف لـ”الترا سودان” إن مئات النازحين ظلوا يعملون على تصريف المياه من المراكز بعد أن غمرت جميع المساحات. كان يتعين عليهم الحصول على أماكن يابسة للنوم والطبخ.
وأشارت إلى أن معاناة النازحين في النيل الأبيض لا تجد اهتمامًا حكوميًا سواء من الولاية أو الحكومة الاتحادية، ولا يمكن الاحتجاج بأصوات عالية في ظل الوضع الأمني والعسكري بالولاية.
وتشهد البلاد موجة من الأمطار والسيول التي تضرر منها حوالي (300) ألف شخص، وقُتل ما لا يقل عن (132) شخصًا، كما دُمِّر أكثر من (23) ألف منزل.
واليوم الخميس وحتى غدٍ الجمعة، لا تزال الأجواء مواتية للمزيد من الأمطار والسيول في جميع أنحاء البلاد، حسب التنبؤات الجوية.
مجلس السيادة الانتقالي
في اجتماع نادر بكامل عضويته، تداول مجلس السيادة الانتقالي حول الآثار الإنسانية للأمطار والسيول التي تضرب البلاد، ومجمل الأوضاع في البلاد.
الاجتماع تناول الأوضاع الإنسانية التي خلفتها الأمطار والسيول وآثارها على المواطنين
الاجتماع الذي أقيم في العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، بورتسودان، تم برئاسة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وتناول الأوضاع الإنسانية التي خلفتها الأمطار والسيول، وآثارها على المواطنين.
ومنذ حزيران/يونيو الماضي، ضربت أمطار غزيرة معظم أنحاء البلاد، متسببة في كوارث غير مسبوقة، حيث دمرت مئات الآلاف من المنازل والمرافق العامة، وجرفت الأراضي الزراعية، وراح ضحيتها عشرات المواطنين، لا سيما في شمال وشرق السودان.
وبحسب بيان لمجلس السيادة الانتقالي، اطلع عليه “الترا سودان”، اتخذ المجتمعون جملة جملة من الإجراءات والتدابير لدعم المواطنين المتأثرين في كل أنحاء السودان.
ووجه المجلس كل أجهزة الدولة بالتحرك العاجل لمساعدة المتضررين من السيول والأمطار، وتخفيف آثارها عليهم، والعمل على تقديم المساعدات وتوفير الدواء ومعينات الإيواء للمواطنين المتضررين. كما وجه المجلس بضرورة ابتدار زيارات عاجلة للمناطق المتأثرة، والوقوف ميدانيًا على حجم الأضرار وتداعياتها على المواطنين المتأثرين.
المصدر: الترا سودان