أمريكا وسلام السودان
مكثفة كانت الجهود ألامريكية الايام الماضية من أجل الضغط على طرفي الصراع في السودان بضرورة الجلوس إلى التفاوض والتوصل إلى اتفاق يضع حدا للاحتراب الذي طال وطالت معه معاناة السودانيين.
وتتحدث أمريكا عن ان المفاوضات ستركز في البداية على بحث قضايا تتعلق بالبعد الإنساني، ولا سيما إيصال المساعدات وحماية المدنيين، وهذه هي المرة الأولى التي يوافق فيها الطرفان على مناقشة المسألة الإنسانية منذ توقف مفاوضات جدة في ديسمبر الماضي، والتي انتهت من دون التوصل إلى اتفاق.
ويقول مراقبون إن واشنطون لوحت لقائد الجيش بورقة الاعتراف والشرعية، ثم رمت هذه المرة بكل ثقلها من أجل الذهاب إلى جنيف، لا لقناعة منها بضرورة حل الصراع في السودان وإنهائه، ولكن لحسابات ومصالح أميركية بحتة.
وكان رأي الحكومة السودانية ان أمريكا كوسيط يلزم ان تنتبه إلى ثلاث نقاط وهي
اولا مناقشة مفردات ما جاء في الخطاب الأميركي، ولا سيما في إرسال الدعوة إلى البرهان بصفته العسكرية من دون تسميته “رئيس مجلس السيادة”،
وثانياً: عدم مشاورة السودان في المراقبين المدعوين إلى لقاء جنيف، ومنهم من هو متهم بدعم قوات الدعم السريع
وثالثاً: عدم تنفيذ “إعلان جدة” الموقّع في مايو 2023.
وترى الحكومة ان تجاهل واحدة من هذه النقاط كفيل بنسف المحاولات الأميركية وتفجير لقاء جنيف قبل حدوثه.
وقد شكّل اتصال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في مايو الماضي نقطة تحول واستدارة مفاجئة من واشنطن باتجاه السودان، ذلك أن واشنطن سكتت وغضَّت الطرف على الانتهاكات والجرائم التي شهدها السودان منذ اندلاع الصراع في 15 أبريل 2023.
ان التحول في الموقف الأمريكي في الرؤية للقضية السودانية والاهتمام المفاجئ بموضوع احلال السلام لايعني ابدا صحوة ضمير أميركية وانما هناك متغيرات دولية فرضت تداعياتها على الأجندة الأميركية لتقديم الملف السوداني ليصبح أولوية. ومن بين المحددات التي تفسر الاستدارة الأميركية إلى السودان، وجود مخاوف أميركية من تمدد حضور روسيا في السودان، وخصوصاً في البحر الأحمر، ولا سيما أن هناك تلميحاً وتلويحاً سودانياً عبّر عنه مؤخراً الجنرال ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش وعضو مجلس السيادة السوداني، في تصريحات تلفزيونية، قال فيها إن روسيا طلبت من السلطات السودانية إقامة محطة للتزويد بالوقود في البحر الأحمر في مقابل توفير أسلحة وذخيرة، وأن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان سيوقع على اتفاقيات بهذا الصدد قريباً.
ونعود لنؤكد ماقلناه سابقا ونعيده اليوم وسيبقي هذا هو راينا ان أمريكا ليست صادقة في ادعاءاتها ولاجادة في ما تطرح من حرصها على حقوق الإنسان وإنما تسعي لتوظيف اي حدث او موقف لخدمة مصالحها وسوف تدوس على امال الناس وتعمق الامهم غير عابئة بمعاناتهم ولاصادقة في إدعائها البحث عن حلول تساعد الناس في تجاوز الأزمة.
سليمان منصور