مرة جديدة يحتشد الآلاف من أنصار فلسطين في العاصمة البريطانية لندن تضامنا مع غزة في مواجهة حرب الإبادة التي يتعرضون لها للشهر الثالث على التوالي.
واستجاب آلاف البريطانيين لنداء المنظمات المتضامنة مع فلسطين، أبرزها: المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وحملة التضامن مع فلسطين، وأصدقاء مؤسسة الأقصى، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، وائتلاف “أوقفوا الحرب”، و”جمعية” تحالف “أوقفوا الأسلحة النووية”.
ودعت شرطة لندن المتظاهرين إلى الالتزام بالشروط المعمول بها بموجب المادة 12 من قانون النظام العام.
وشددت الشرطة على ضرورة الالتزام بالمسار المتفق عليه ونشرت الخريطة التي يجب على المتظاهرين الالتزام بها.
ورفع المشاركون في المظاهرات مجددا أعلام فلسطين والشعارات الرافضة للإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.. كما أنهم طالبوا بالوقف الفوري والدائم لإطلاق النار ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة.
وتأتي مظاهرة لندن اليوم بعد فشل مجلس الأمن الدولي مساء أمس الجمعة، في تمرير قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة بسبب الفيتو الأمريكي، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
وانتقد الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني جيرمي كوربين، الذي يشارك في التظاهر اليوم، موقف بلاده الممتنع عن التصويت على قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن.
وقال كوربين في تغريدة نشرها اليوم في صفحته على منصة “إكس”: “الليلة، رفضت المملكة المتحدة دعم قرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار”.
وأضاف: “إننا نحزن على أولئك الذين سيموتون لأن حياتهم اعتبرت غير جديرة بالحماية. ونتعهد بمواصلة التظاهر تضامنا مع الشعب الفلسطيني لإنهاء التفجيرات والحصار والاحتلال”.
وتعرف بريطانيا حراكا شعبيا متصاعدا رافضا للحرب على غزة، فقد أطلقت أمس الجمعة مجموعة من أطفال بريطانيا عريضة على الإنترنت، يدعون فيها حكومتهم إلى التدخل لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 17 ألف فلسطيني، جُلهم من الأطفال والنساء.
وقال الأطفال في نص العريضة، التي وقعها أكثر من 600 طفل حتى الآن، إنهم “يشعرون بالقلق تجاه الأرواح البريئة التي تقتل في هذا العدوان العنيف”، وإنهم “يطالبون الحكومة البريطانية بالضغط على إسرائيل لوقف القصف الجوي والبري والبحري على غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع المحاصر”.
وأضافوا أنهم “يتعاطفون مع الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في ظروف مأساوية، ويفتقرون إلى الأمن والتعليم والرعاية الصحية، ويتعرضون للخطر كل يوم”.
ولم يقتصر نشاط الأطفال البريطانيين على العريضة الإلكترونية، بل شاركوا في تنظيم عدة احتجاجات ومظاهرات في مختلف مدن بريطانيا، رفعوا خلالها شعارات ولافتات تندد بالعدوان الإسرائيلي، وتطالب بالتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وفي مدينة بريستول، نظم أمس الجمعة الطلاب إضرابًا مدرسيًا ومسيرة حاشدة إلى مبنى البلدية، حيث ربطوا أشرطة ملونة تمثل كل طفل قتل في غزة، وسلموا عريضة مكتوبة بخط اليد إلى السلطات المحلية. وقال أحد المنظمين للإضراب، إنهم “يريدون إظهار تضامنهم مع الأطفال الفلسطينيين، والضغط على الحكومة البريطانية لاتخاذ إجراءات فعالة لوقف العنف والظلم”.
وقد أثار العدوان الإسرائيلي موجة من الاستنكار والتنديد الدولي، ودعوات إلى وقف النار وحماية المدنيين. وقد أعربت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمات حقوقية عن قلقها العميق للوضع الإنساني في غزة، وحذرت من خطر حدوث كارثة صحية واجتماعية في القطاع.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض “فيتو” في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار طالب بـ”الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية” في قطاع غزة الفلسطيني، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت.
وعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة، جلسة طارئة للتصويت على مشروع القرار الذي قدمته الإمارات العربية المتحدة وشاركت فيه أكثر من 80 دولة بينها تركيا.
ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع القرار بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض.
وأيد 13 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر المشروع مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
وطالب مشروع القرار بالوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وكرر مطالبته جميع الأطراف بأن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وخاصة في ما يتعلق بحماية المدنيين.
وقال المندوب الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة روبرت وود، إن مشروع القرار لم يتضمن إدانة “حماس” وإنه من غير المقبول أن يظل بعض أعضاء المجلس صامتين بشأن هذه القضية.
وكان مجلس الأمن قد عقد جلسة صباحية استجابة للخطاب الذي أرسله الأمين العام للمجلس مستخدما فيه المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.
ونظرا لحجم الخسائر البشرية في غزة وإسرائيل، خلال مدة وجيزة، فقد أرسل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خطابا إلى رئيس مجلس الأمن الأربعاء، يفعّل فيه للمرة الأولى المادة التاسعة والتسعين من ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد غوتيريش على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولي كل ما يمكن لإنهاء محنة سكان غزة.
وحث مجلس الأمن على عدم ادخار أي جهد للدفع من أجل “الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة”.
وقال إنه أرسل خطابه إلى مجلس الأمن مستخدما المادة 99 من الميثاق، “لأننا وصلنا إلى نقطة الانكسار. هناك خطر كبير للانهيار التام لنظام الدعم الإنساني في غزة، بما سيُخلف عواقب مدمرة”.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 17 ألفا و487 شهيدا، و46 ألفا و480 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
المصدر: عربي21